الحلقه الاخيييييييييييييره
جلست ندى في حفل زفاف اختها تنظر بحسرة الى نسمة السعيدة الجالسة تضحك لمن حولها بارتياح, بينما يبدو عمر بجانبها في قمة سعادته, وشعرت بالحسرة والحزن يتخللا قلبها حين بدأ شيء من الحسد يشوب فرحتها لاختها , ولم تستطع منع نفسها من التفكير في حالها,لقد عانت الامرين مع شادي الذي احبته طوال عمرها, وعاهدها الا يتركها ابدا, وعاهدته هي ان تظل تحبه ابدا, ولم تحصل على القليل مما يشعرت به الان, وتسائلت هل كانا يحبان بعضهما اكثر مما كانا يفعلان هي وشادي؟,...مستحيل.
انتفضت حين همست هالة بجانبها.
هالة: بسم الله ماشاء الله ربنا يحفظهم بجد شكلهم يفرح عقبال ما اشوف ليلو يارب.
فالتفتت تتأمل هالة التي تجلس بجانب زوجها في سعادة, وابنتها التي قبلتها وهي راقدة بين ذراعيها شبة نائمة على الرغم من الضجيج حولها.
وتحسرت على حالها, لقد كانت هالة اسوأ منها وكانت قصتها مع عمرو مجدي امرا يتغنى به الجميع, كيف للبشر النسيان بهذه السرعة, وكيف تغير الجميع بهذا الشكل وتغير اسلام نفسه معها, وان كان الامر سهلا هكذا لم لم تنس لشادي ما فعل؟, لم تنس له اي خطأ اخطأه في حقها او فعلته امه.
اما ماحارت فيه العقول وتعجبت له الانفس هو حال هايدي, اليست هذه هايدي التي كانت مثلا يضرب في فساد الاخلاق , ورمزا في الاستهتار, كيف وصلت الى ماهي عليه الان من هدوء وثقة, تأملت هايدي التي تجلس وحدها بعيدا بنظرة مندهشة, وقالت سبحان مغير الاحوال, صحيح انها لم يعد لها اصدقاء, ولكن تطل من عينيها ثقة غريبة بالنفس , لقد اصرت على حضور حفل زفاف نسمة على الرغم من علمها ان جميع من بالحفل لن يتقبلوها, وأكثرهم يعرفها منذ ان كانت اسما ينادى به, ولكنها ارادات ان تظهر بحالها هذا قبل ان تغادر البلاد, كيف تبدل حالها هكذا من النقيض الى النقيض, كيف نست هي نفسها مافعلت, حتى وان لم ينس الناس .
حتى هايدي شعرت بالطمأنينة وراحة البال.
فمالها لا تصل الى شيء من هذا الامر وهي التي ظنت ان مستقبلها مع شادي مضمونا لا ينقصه الا ارتباطهما الابدي, وكم بدت كلمة الابدي سخيفة اليها بعد كل ماحدث.
ونظرت بحزن الى زوجها الذي يتحدث بانتباه تام الى اخيه وتنهدت, " مالنا يا شادي" ,ثم نقلت نظرها الى امه باكتئاب شديد, ولم تلبث ان اشاحت بوجهها بعد ان شعرت بالدموع تشق طريقها الى عينيها, كيف لها ان تسامح هذه المرأة, ثم عادت لتنظر الى طاولة والدتها ووالدها البعيدة عن طاولتها هي وزوجها وعائلته, وشعرت بالفراغ في قلبها , ان اهلها لا يتحدثون مع اهل شادي, ماحدث خلق شرخا كبيرا بينهم, وربتت على بطنها في حزن, لقد ذهبت للطبيب بالامس, وعلمت بخبر حملها, ولكنها لم تخبر احدا بعد, لم تعد تعرف كيف سيكون رد فعل الجميع , مالذي ستفعله امها ان عرفت, هل ستفرح ام تحزن لمثل هذا الخبر,وكيف ستكون ردة فعل والدة شادي, هل ستفرح ام تقابل الامر بسخريتها اللاذعة المعتادة, وشادي وهو الاهم, مالذي سيفعله, هي نفسها لم تدر اتفرح ام تحزن لمثل هذا الخبر, لقد مر على رجوعها لبيتها شهران, وعادت تشعر بمشاعرها في انهيار, وحاولت اخفاء الدموع المحبوسة خلف عينيها حتى لاتفسد يوم اختها السعيد.
************************************************************************
صمتت ندى طوال الطريق للبيت ولم يلحظ شادي هذا حتى, ولم يحاول فتح حوار, حتى وصلا البيت فعلا, فتوجهت ندى للغرفة, بينما توجه شادي الى المطبخ ليشرب ونادى على ندى وهو يغلق الثلاجة متوجها الى الغرفة.
شادي: اجيبلك مية ياندى؟, الجو مش ممكن, حر بشكل,انتي مأكلتيش ليه في الفرح؟.
ردت بصوت خافت.
ندى: مليش نفس.
شادي: انتي مأكلتيش من الصبح ياندى, انتي مالك عيانة؟.
قالت وهي تمسح ماكياج عينيها.
ندى: شوية.
قال وهو يرفع الزجاجة لفمه خارجا من الغرفة.
شادي: يا بنتي كله من اللبخ الي بتعمليه في نفسك قلتلك كلي وبطلي تشغلي دماغك انتي كده كده مش بتتخني, دايت ايه دا الي بتعمليه بس.
قالت وهي تضع عنها حجابها في هدوء.
ندى: انا مش عاملة دايت ياشادي, انا حامل.
انزل شادي الزجاجة عن فمه بغتة, والتفت اليها غير مصدق ,وعجز عن النطق للحظات ثم قال بانفعال.
شادي: حامل؟, حامل ازاي يعني؟.
ندى: ايه الي ازاي؟.
هتف بها.
شادي: وعارفة من امتى؟.
ندى: امبارح.
شادي: ومقلتليش ليه؟.
ندى: مقلتش لحد خالص.
قال بغضب.
شادي: وهو انا حد؟؟؟؟, انتي بتتكلمي بجد ,عارفة انك حامل من امبارح ومقلتيش, هو انا ايه في البيت ياندى, ولا انتي خلاص مبقتيش تحطيني في خططك.
نظرت في عينيه الغاضبتين قبل ان تقول.
ندى: انت فرحان؟.
رد دون تفكير بنفس اللهجة الغاضبة.
شادي: طبعا ياهانم.
ندى: بقى بالله عليك دا شكل واحد فرحان.
شادي: انتي عايزة ايه ياندى, طبعا عايزة تقلبي خبر زي دا مناحة, وتعدي تعيطي وتطلعي نفسك مظلومة.
جلست وهي تقول باستسلام.
ندى: لا ظالمة ولا مظلومة, انا بس كنت عايزة اشوف تعبير وشك لما تسمع الخبر واديني شفته.
جلس قبالتها وهو يقول بنفس العنف.
شادي: ماله بقى تعبير وشي, عايزة كمان تطلعيني زعلان, بقى انا مش هفرح ان هيجيلي ابن.
ندى: تفرح بقى ولا متفرحش كله محصل بعده.
شادي: الله يا ندى, مالك كده انتي غريبة ومش طبيعية ليه, فيه ايه؟.
ندى: عشان مبقيناش نحس بطعم حاجة ياشادي خلاص لا فرح ولا زعل ولا حاجة, فكرت هنقول لمامتك ازاي؟, فكرت هنقول لاي حد علي الخبر ازاي, وياترى هيفرحو ولا هيعملو زيك كده؟.
شادي: انتي بتتكلمي ازاي؟, اكيد هيفرحو.
ندى: واكيد ليه؟, انا زعلانة اوي يا شادي اوي.
ووضعت وجهها بين كفيها.
شادي: عشان حامل؟, مكانش نفسك نجيب بيبي ,صح؟.
ندى: لا عشان البيبي دا احنا مانستاهلوش, احنا مش مبسوطين وفاكرين ان لو جالنا بيبي هو الي هيعدلنا حياتنا الي بقت بايظة دي, بس احنا بقينا بنبني ادوار على اساسات واقعة, كله بايظ يا شادي وكله هيبقى واقع.
شادي: ازاي يعني اساسات واقعة؟,بلاش التشاؤم دا ياندى احنا اخدنا بعض عن قصة حب يتحكى عنها.
قالت بسخرية.
ندى: شكلها هي دي المشكلة, بس انا لسه بحبك ياشادي.
شادي: طب مانا كمان بحبك.
امسكت يده ووضعتها على بطنها.
ندى: انا عايزة ابننا دا ياشادي.
شادي: طبعا يا ندى وانا بتمناه من قبل ما تحملي اول مرة اصلا.
ندى: انا عايزة نتغير, مش عايزة نفضل كده بينا البرود دا, والجروح المفتوحة الي مابينا دي.
قال بهدوء.
شادي: احنا نسينا الحاجات دي ياندى خلاص.
ندى: لا منسيناش احنا طنشنا, ومينفعش نفضل مطنشين , انا عايزاك وعايزة ابني وعايزة ابقى فرحانة ومامتك فرحانة ومش هنعرف نفتح صفحة جديدة الا لو قفلنا الي قبلها, انا وانا في فرح نسمة لما شفت فرحة اهل عمر وفرحة اهلي , افتكرت فرحنا يا شادي مكانش حد فرحان حتى انا وانت, انت عارف لو كنا احنا فرحانين كنت قلت طز في كل حاجة المهم انت وبيتنا,عشان كده انا قررت احارب كل الناس واكسبك, انا عشانك وعشان ابني عندي استعداد اعمل اي حاجة عشان حياتنا تبقى كويسة مش البرود الي احنا عايشين فيه دا, انا عندي استعداد حتى اروح اصالح مامتك وافتح قلبي ليها, انا عايزة الوضع يتغير, وانا وانت حياتنا لازم تتغير,واهلي واهلك مشاعرهم يتغيرو, انا نويت اعمل دا, ومش هقدر اعمل كل دا لوحدي , الايد لوحدها عمرها ما هتسقف يا شادي, التغيير مش هيحصل الا لو انا وانت قررنا دا, وقلنا هنتغير.
شادي: طيب مانا قلت انا معاكي.
ندى: مش بالكلام.
شادي: والله يا ستي مش بالكلام انا كمان زهقت يا ندى انتي فاكراني بارد ومبحسش, فاكراني ايه؟, انا برضة حاسس ان كل واحد فينا في وادي, بس قلت مش مهم مادام انتي راضية ومبسوطة, ومكنتش عارف انك مش راضية, بس انا حياتي يا ندى برضة فيها امي ,وامي دي جزء كبير من حياتي, ومقدرش احاول اغيرها.
ندى: انا مقلتلكش كده , وانا ماليش اني اقلك ابعد عن اهلك بالعكس احنا عمرنا ماهنعرف نفرح الا لو كل الناس حوالينا بقت كويسة, وانا هصالح مامتك يا شادي مش هحاول ازعلها مني تاني, بس انا محتاجة احس انك موجود جمبي وهتشجعني وهتقف جمبي لو هي جت عليا حتى لو بالنظرة مش بانك تقول حاجة او تعاديها, بس اطمن انك هتكون حاسس بيا.
شادي: حاضر ياندى.
قامت ندى وامسكت يده وهي تقول والدموع تلمع في عينيها.
ندى: فاكر يا شادي اول ماحبيتك وعرفتك واتمنيت ان عمري كله يكون معاك.
شادي: وانا كمان ياندى اتمنيت دا.
ندى: اتمنيت عمرنا نكمله سوا فرحانين مش بالشكل دا,اوعى تخليني اندم اني اديتلنا فرصة تاني.
شادي: متخافيش يا ندى انا هحاول زيك واكتر منك كمان.
ندى: هنغير نيتنا زي ما نسمة قالت, انا مش عايزة اعيط تاني.
مسح شادي عينيها برقة وهو يبتسم.
شادي: ياه ياندى انا اد ايه ارتحت لما اتكلمنا انتي متعرفيش انا شايل في نفسي بقالي اد ايه, وبجد بجد مفيش حاجة في الدنيا تقدر توصفلك فرحتي بالبيبي وبيكي , انا كنت خلاص قلت اهي عيشة والسلام , بس انا دلوقتي بقيت مستعد بجد انسى الي حصلنا والي حصل بينا والخلافات والمشاكل, انا محتاج الاقيكي واقفة جمبي, بجد يا ندى.
قامت تعانقه وهي تقول.
ندى: ياحبيبي يا شادي انت بجد رديت فيا الروح بكلامك دا, انت مش متخيل انا كان عندي اكتئاب ازاي وانت ريحيتني, والله يا شادي انا بوعدك هتشوف معاملة تانية خالص, وهنبتدي بشكل مختلف وهننسى بجد كل الي فات ونقلب الصفحة الي مبوظة علينا حياتنا دي بقى.
عانقها وهو يضحك.
شادي: والله يا ندى انا بجد فرحان ومفرحتش من زمان.
ومسح دموعها وهو يقول بحماس.
شادي: قومي.
قالت بدهشة.
ندى: اقوم فين؟.
شادي: قومي معايا بس هنلف لفة كده على ماما و بيتكو وهالة.
ندى: انت مجنون يا شادي انت عارف الساعة كام؟.
قال وهو يصيح بسعادة متوجها الى الغرفة ليبدل ملابس الزفاف.
شادي: وهو دا خبر يستني يا ندى انتي حامل.
ابتسمت ندى من ورائه وهي تبكي.
شادي: انت مجنون.
وشعرت بشيء من السعادة تتسلل الى قلبها لقد ارتاحت حين تحدثت مع شادي وشعرت وكأنها تحادثه لاول مرة , شعرت بان بعض الامها تتبدد, وان الحزن الذي انتابها الفترة الماضية من الممكن ان يتحول الى فرح ثانية, وانها كانت مخطئة ولطالما اخطأت ان ظنت ان يمكنها ان تصنع التغيير بمفردها او ان تتخطى الامور بتجاهلها, ولكن لا شيء مقارنة بمشاركتها من تحب في افكارها وسعادتها, وبدأت تشعر بالحب يعود الى قلبها حبها لشادي, ولزواجهما, حتى ان كان الامر لم يعدو بعد مجرد نية, ولكن التأثير السريع لهما اسعدها بل والهمها الامل بعد ان فقدته طويلا, وملأتها الثقة بالله, ان الايام القادمة ستكون مختلفة تماما عما كان, وان ان كان مافات لم يمت من الم وحزن واكتئاب فان الفرصة لم تفت بعد لاصلاح ما افسدوه بأيديهم, وان بأيديهم يمكن تغيير المستقبل ان لم يستطيعا تغيير الماضي, ستنسى ما حدث وتطلب من الله العون لبداية جديدة, خالية من العدائات والمشاكل, مليئة بالتفاهم والامل.
وبالامل ستبني حياة طفلها الجديدة محاولة تربيته بالحب الذي تعلمته على يد نسمة وعمر, وبالاستقرار الذي رأته في حياة هالة, والمرونة التي رأتها في تغير هايدي, وبالامل الذي حصلت عليه من تأييد شادي, ومن الشجاعة التي وهبها لها طفلها الجديد, ومن الايمان الذذي قذفه الله في قلبها ومن الهدى الذي رأته في عيني زوجها.
كل ذلك جعلها تربت على بطنها في حب وهي تقول بصدق.
ندى: الحمد لله يارب, يارب افتح عليا ببداية جديدة وخلي الي فات كله ورايا فعلا وارزقني حياة طيبة ونية خير في عيلتي وجوزي واهلي
شكرا لمتابعتكم الجميله
انتظرونى ف قصه جديده