مشكلة الصدور الفرعونية
هناك قضية محيرة بخصوص الفراعنة لم يتم حلها إلى اليوم.. فمعظم التماثيل والرسومات التي وجدت لملوك مصر القديمة تُظهرهم بأثداء وصدور بارزة - جنبا لجنب مع اللحية الملكية - . وهذا المظهر الشاذ يمكن ملاحظته في التماثيل الفرعونية والرسومات المنتشرة في المقابر والمدافن المصرية.. وحين اكتشف الانجليزي هوارد كارتر مقبرة الملك الفرعوني توت عنخ آمون (في يناير 1924) عثر على قناع ذهبي يظهر الملك الشاب بثديين ولحية صغيرة . وحين رُتبت سلالته الحاكمة اكتشفت نفس الظاهرة لدى آخر ثلاثه ملوك حكموا قبله - خصوصا أن الرسومات الفرعونية تظهر الجسم البشري في وضع جانبي الأمر الذي يظهر الثديين بشكل واضح !!
.. وظاهرة التثدي هذه (إن جاز التعبير) تلاحظ بالذات لدى فراعنة السلالة الثانية عشرة والثامنة عشرة الذين خصهم الفنان المصري القديم بملامح أنثوية جلية.. بل ان اخناتون ( الذي يفترض البعض أنه فرعون موسى ) يملك تمثالا يظهره بدون العضو الذكري الأمر الذي يرجح كونه شاذا أو خصيا منذ الطفولة !!
والتعمق في هذه الظاهرة يحصرنا في ثلاثة احتمالات رئيسية:
@ الأول: أن هؤلاء الملوك كانوا في الأصل نساء حكموا بملابس الرجال (مثل الملكة حتشبسوت ابنة الملك تحتمس الأول التي حكمت بثياب الذكور وكانت تضع لحية مستعارة طوال 21عاما).
@ والاحتمال الثاني: أن الصفات الأنثوية كانت في مصر القديمة مفضلة على الصفات الذكورية (كونها ترمز للخصب والعطاء) وبالتالي حاول الفنان المصري إضفاءها على الشخصيات الملكية !
@ أما الاحتمال الثالث والأهم فهو أن هؤلاء الملوك كانوا مصابين بحالة وراثية تسبب ولادة جنسا مختلطا (خنثى) بحيث يبدو الرجال بأثداء بارزة وأرداف كبيرة وبطون ضامرة !!
.. وهناك طبيبة تدعى برنادين بولشوك من جامعة ويلنغتون ألفت كتابا عن الجنس المختلط استشهدت فيه بهذه الظاهرة الفرعونية.. وحسب قولها عرف هذا النوع من الاضطرابات الجنسية بين أفراد السلالة الملكية (لدرجة ميزتهم عن بقية الشعب) بسبب زواجهم من محارمهم القريبين.. فالسلالات الحاكمة كانت تنظر لنفسها كنسل مباشر من الآلهة وبالتالي قصرت زواج أفرادها على المحارم من العائلة نفسها.. وكان زواج الأخ من الأخت مفضلا بالذات للحفاظ على سلطات العائلة في أقل نطاق ممكن.. وهكذا تزوج ملوك عظام (كإخناتون وتحتمس الرابع وامنحوتب الثالث وتوت عنخ أمون) من أخواتهم وكانوا هم أنفسهم نتاج زواج بين أخوة أشقاء (حتى الملكة المعروفة كليوبترا تزوجت من شقيقها الأصغر حفاظا على نفوذ وعرق العائلة)..
غير أن هذا النوع من الزواج - الذي لم يكن محرما في الحضارات القديمة - ينتهي دائما بالعقم والتخنث وظهور أمراض وراثية وعيوب خلقية وذهنية معينة..
والمظاهر الأنثوية التي تبدو على الفراعنة القدماء مجرد محصلة طبيعية لزواج المحارم طوال أجيال متوالية.. بل ان آخر فرعونين من السلالة الثانية عشرة والثامنة عشرة أصيبا بالعقم التام وانتهت سلالتهما لهذا السبب بالذات !!