إن الشهيد البطل سليمان الحلبي وهو أول منتقم عربي ضد العدوان الغربي الحديث المتمثِّل بالعدوان الفرنسي على مصر قد جسَّد مفهوم الوطنية وعياً وإيماناً وشكلاً من أشكال البطولة والتضحية بالنفس فداء للوطن . فالحملة الفرنسية التي قامت على مصر مابين ( 1898 – 1801 ) م لجعل مصر مستعمرة فرنسية ، والتي كانت بقيادة الجنرال كليبر الذي عيَّنه نابليون بونابرت قائداً للجيش وحاكماً على مصر قبل رحيله عن مصر ، قد أذاقت المصريين العلقم جراء مالحق بهم من عسف وقهر وتعذيب وإذلال .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الشهيد البطل سليمان الحلبي
ولهذا كان قيام البطل سليمان الحلبي بقتل كليبر عملاً بطولياً ، وواجباً مشروعاً ؛ لنفي الظلم والعدوان عن أرض أمته الممتدة من المحيط إلى الخليج ، ومامصر إلا جزء من الأمة التي ينتمي إليها سليمان الحلبي ، لذا فقد قام بعمل بطولي مجيد واستشهد باذلاً روحه في سبيل هذا الوطن ، ومن هنا فقد جسَّد هذا البطل مفهوم الوطنية بانتمائه إلى الوطن الواحد الكبير ، منطلقاً من معرفة حقيقية بالواقع ، ومعتمداً على الفكر اليقظ الذي يقود إلى الفعل التغييري الذي دفع ثمنه غالياً .
لقد عاين سليمان الحلبي أشكال اليأس والذل ورأى القتل والظلم والفتك بأفراد أمته ، فهداه تفكيره المتأمِّل إلى إيجاد نوع من الخلاص من هذا الواقع المرير ، فلم يجد إلا الإطاحة بقائد الجيوش الفرنسية كليبر تعبيراً عن معاناة لقيها شعب أمته من ذلك العدوان الذي أسفر في تدميره مدينة العلم ( القاهرة ) التي تلقى فيها سليمان تعاليمه في أزهرها الشريف .
ولذلك كان سليمان الحلبي شهيد عصره ، إذ قام بقتل كليبر بدافع من وطنية تجلت في مقاومة أشكال الانتهاكات التي عانى منها الشعب المصري ، مقاومة قائمة على المعرفة والوعي ؛ لتأكيد القيم الإنسانية ، وإحقاق الحق وإزهاق الباطل ، فقدَّم روحه فداء لهذا الوطن ، ونال الشهادة ، وهو لما يزل في الرابعة والعشرين من عمره ، مقدِّماً نموذجاً حياً من نماذج الوطنية التي تقتضي بالإنسان أن يدافع عن أي جزء من أجزاء وطنه الكبير.
تعددت الروايات التي دارت حول سليمان الحلبي وحول الهدف الذي كان وراء قتله الجنرال كليبر ، ولا شك أن تلك الروايات التي حاولت تجريد اسم سليمان الحلبي من شرف الاستشهاد في سبيل حرية مصر وأبنائها ، تبقى روايات سعى أصحابها إلى نفي صفة البطولة عن هذا المناضل القومي لأسباب عديدة قد نعرف بعضها ، ولا نعرف بعضها الآخر ..
وهناك من يعتبر قضية سليمان الحلبي لغزاً من ألغاز التاريخ تكتنفه علامات الاستفهام ، ومنهم من يعتبر سليمان الحلبي خائناً وعميلاً ، ومنهم من يشير إلى أن انتقامه كان بدافع الحب !! .
وما تلك الإشارات إلا لمحو الدافع القومي الوطني الذي كان سبيلاً لتقديم الحلبي روحه من أجل هذا الوطن .
وقد ظلم هذا البطل على المستويين الرسمي والتاريخي ، إذ لم ينصفه من كتب تاريخ تلك الحقبة من الزمن وخاصة الجبرتي، فمروا على ذكره في عبارة تاريخية موجزة تلصق به صفات لا تليق بمن حمل في فكره لواء الدفاع عن أرض بلاده.
وكتب عبد الهادي البكار في صحيفة الشرق الأوسط تحت عنوان ( شهيد وبطل أم خائن وعميل .. سليمان الحلبي بين الجبرتي والمؤرخين المعاصرين ) يندد بمحاولة تجريد اسم الحلبي من شرف البطولة ، ويشير إلى ما يقضي به الوفاء من انضمام الجهود المصرية إلى الجهود السورية لرد الاعتبار إلى الحلبي ، فيقول :
"ومايحزن القلب حقاً ، أن تجيء محاولة تجريد اسم سليمان الحلبي من شرف البطولة والاستشهاد في ذكرى استشهاده المئوية الثانية ، من أرض مصر الغالية الحبيبة التي أحبها سليمان الحلبي حتى الموت، ووهبها حياته دون أي تردد تلفظه الجسارة وتتناقض معه.
وإذا كانت أطراف سورية غير رسمية قد سعت خلال السنتين المنصرمتين لدى فرنسا معبرة عن رغبتها برد الاعتبار إلى اسم سليمان الحلبي وتطهيره من صفة (المجرم) اللصيقة بجمجمته في متحف (أنفاليد) وبالموافقة على أن تسترد سورية رفاته من فرنسا لإعادة دفنها في مسقط رأسه (عفرين) أو في مدينة حلب ، بصفته بطلاً من شهداء الكفاح من أجل الحرية والاستقلال ، فإن العدل وفضيلة الوفاء يقضيان بضم جهود مصر إلى الجهود السورية في هذا السبيل ، وبخاصة أن مصر ملتزمة بفضيلة الوفاء التاريخي في كل العصور … ومن حق روح سليمان الحلبي عليها ، أن يكون له نصيب من هذا الوفاء المصري التاريخي الشهير المضاد لكل ألوان الإجحاف والظلم والجحود " .
لكن مايسترعي الانتباه والنظر هو ماكتبه المؤرخون المستشرقون عن الحملة الفرنسية على مصر وعن الشجاعة والإقدام اللذين قابل بهما سليمان الحلبي مصيره بعد أن ألقي القبض عليه ، وفي ذلك نقرأ ماكتبه ( لوتسكي ) عن بطولته :
" وقد قابل سليمان الموت ببسالة ، إذ وضع يده بجرأة في النار الملتهبة ، ولم ينبس ببنت شفة حينما كانت تحترق ، كما كان باسلاً طيلة الساعات الأربع والنصف الذي قضى من بعدها نحبه وهو مخوزق ".
بينما يصف لنا ( هنري لورنس ) بعض ماحدث ، بقوله :_ " ولحسن الحظ يتم العثور على القاتل الذي كان قد لاذ بحديقة مجاورة ، وهو حلبي اسمه سليمان ، ويجري على الفور التحقيق معه وتعذيبه على يد بارتيملي الذي يحصل على كل حقائق المسألة ، لقد تصرف الرجل بمفرده ، وقد اكتفى بكشف المشايخ من الأزهر الذين حاولوا ثنيه عنه دون أن يقوموا مع ذلك بإبلاغ السلطات الفرنسية ، ويجري دعوة الشيخين الشرقاوي والعريشي إلى الاجتماع فوراً ، وتصدر إليهما الأوامر بالتحرك لإلقاء القبض على عدد من الأزهريين ، وتجتمع محكمة عسكرية في 15 و 16 يونيو وتحكم على الحلبي بقطع زنده ، وبخوزقته علناً ، ولا يحق للأزهريين غير الاكتفاء بقطع رؤوسهم ، وبعد الدفن يتحرك الحاضرون لمشاهدة عذاب إعدام القاتل ، ويجري البدء بقطع رؤوس المشايخ المرتعدين ، ثم يحرق بارتيملي ( فرط الرمان ) زند القاتل ويتجه إلى خوزقته ، ويتصرف الحلبي بشجاعة مردداً الشهادتين وآيات من القرآن ".
الدكتور شاكر مصطفى والصحفي هاني الخيّر وبدء الحملة
إن الدكتور شاكر مصطفى واحد من المؤرخين الذين يحملون في نفوسهم وفي أفكارهم ذكر طيب وعطر لهذا الشهيد البطل الذي قدّم حياته فداء للأوطان ، وهو من الذين راعهم رؤية جمجمته في متحف الإنسان في باريس وتحتها دمغة الإجرام ، فراح يصف لنا ما رآه في ذاك المتحف ، وما أثاره ذلك المشهد من ذكريات عادت به إلى ما كان قد تعلمه في سنوات الدراسة عن ذلك البطل المغوار ، فتحت عنوان ( جمجمة وجمجمة ) نقرأ للدكتور مصطفى : " هما جمجمتان جارتان في متحف الإنسان بقصر شايّو ( في باريس ) علبتان فارغتان من العظم الأبيض تسكنان هناك ، بدل القبر ، في جامين أخوين من البلور ، كتبوا تحت الأولى (جمجمة مجرم : سليمان الحلبي ) وتحت الجارة الأخرى ( جمجمة عبقري : ديكارت ) ! ….
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
سليمان الحلبي يقتل المستعمر كليبر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الشهيد البطل سليمان الحلبي
ولهذا كان قيام البطل سليمان الحلبي بقتل كليبر عملاً بطولياً ، وواجباً مشروعاً ؛ لنفي الظلم والعدوان عن أرض أمته الممتدة من المحيط إلى الخليج ، ومامصر إلا جزء من الأمة التي ينتمي إليها سليمان الحلبي ، لذا فقد قام بعمل بطولي مجيد واستشهد باذلاً روحه في سبيل هذا الوطن ، ومن هنا فقد جسَّد هذا البطل مفهوم الوطنية بانتمائه إلى الوطن الواحد الكبير ، منطلقاً من معرفة حقيقية بالواقع ، ومعتمداً على الفكر اليقظ الذي يقود إلى الفعل التغييري الذي دفع ثمنه غالياً .
لقد عاين سليمان الحلبي أشكال اليأس والذل ورأى القتل والظلم والفتك بأفراد أمته ، فهداه تفكيره المتأمِّل إلى إيجاد نوع من الخلاص من هذا الواقع المرير ، فلم يجد إلا الإطاحة بقائد الجيوش الفرنسية كليبر تعبيراً عن معاناة لقيها شعب أمته من ذلك العدوان الذي أسفر في تدميره مدينة العلم ( القاهرة ) التي تلقى فيها سليمان تعاليمه في أزهرها الشريف .
ولذلك كان سليمان الحلبي شهيد عصره ، إذ قام بقتل كليبر بدافع من وطنية تجلت في مقاومة أشكال الانتهاكات التي عانى منها الشعب المصري ، مقاومة قائمة على المعرفة والوعي ؛ لتأكيد القيم الإنسانية ، وإحقاق الحق وإزهاق الباطل ، فقدَّم روحه فداء لهذا الوطن ، ونال الشهادة ، وهو لما يزل في الرابعة والعشرين من عمره ، مقدِّماً نموذجاً حياً من نماذج الوطنية التي تقتضي بالإنسان أن يدافع عن أي جزء من أجزاء وطنه الكبير.
آراء في قضية سليمان الحلبي
تعددت الروايات التي دارت حول سليمان الحلبي وحول الهدف الذي كان وراء قتله الجنرال كليبر ، ولا شك أن تلك الروايات التي حاولت تجريد اسم سليمان الحلبي من شرف الاستشهاد في سبيل حرية مصر وأبنائها ، تبقى روايات سعى أصحابها إلى نفي صفة البطولة عن هذا المناضل القومي لأسباب عديدة قد نعرف بعضها ، ولا نعرف بعضها الآخر ..
وهناك من يعتبر قضية سليمان الحلبي لغزاً من ألغاز التاريخ تكتنفه علامات الاستفهام ، ومنهم من يعتبر سليمان الحلبي خائناً وعميلاً ، ومنهم من يشير إلى أن انتقامه كان بدافع الحب !! .
وما تلك الإشارات إلا لمحو الدافع القومي الوطني الذي كان سبيلاً لتقديم الحلبي روحه من أجل هذا الوطن .
وقد ظلم هذا البطل على المستويين الرسمي والتاريخي ، إذ لم ينصفه من كتب تاريخ تلك الحقبة من الزمن وخاصة الجبرتي، فمروا على ذكره في عبارة تاريخية موجزة تلصق به صفات لا تليق بمن حمل في فكره لواء الدفاع عن أرض بلاده.
وكتب عبد الهادي البكار في صحيفة الشرق الأوسط تحت عنوان ( شهيد وبطل أم خائن وعميل .. سليمان الحلبي بين الجبرتي والمؤرخين المعاصرين ) يندد بمحاولة تجريد اسم الحلبي من شرف البطولة ، ويشير إلى ما يقضي به الوفاء من انضمام الجهود المصرية إلى الجهود السورية لرد الاعتبار إلى الحلبي ، فيقول :
"ومايحزن القلب حقاً ، أن تجيء محاولة تجريد اسم سليمان الحلبي من شرف البطولة والاستشهاد في ذكرى استشهاده المئوية الثانية ، من أرض مصر الغالية الحبيبة التي أحبها سليمان الحلبي حتى الموت، ووهبها حياته دون أي تردد تلفظه الجسارة وتتناقض معه.
وإذا كانت أطراف سورية غير رسمية قد سعت خلال السنتين المنصرمتين لدى فرنسا معبرة عن رغبتها برد الاعتبار إلى اسم سليمان الحلبي وتطهيره من صفة (المجرم) اللصيقة بجمجمته في متحف (أنفاليد) وبالموافقة على أن تسترد سورية رفاته من فرنسا لإعادة دفنها في مسقط رأسه (عفرين) أو في مدينة حلب ، بصفته بطلاً من شهداء الكفاح من أجل الحرية والاستقلال ، فإن العدل وفضيلة الوفاء يقضيان بضم جهود مصر إلى الجهود السورية في هذا السبيل ، وبخاصة أن مصر ملتزمة بفضيلة الوفاء التاريخي في كل العصور … ومن حق روح سليمان الحلبي عليها ، أن يكون له نصيب من هذا الوفاء المصري التاريخي الشهير المضاد لكل ألوان الإجحاف والظلم والجحود " .
لكن مايسترعي الانتباه والنظر هو ماكتبه المؤرخون المستشرقون عن الحملة الفرنسية على مصر وعن الشجاعة والإقدام اللذين قابل بهما سليمان الحلبي مصيره بعد أن ألقي القبض عليه ، وفي ذلك نقرأ ماكتبه ( لوتسكي ) عن بطولته :
" وقد قابل سليمان الموت ببسالة ، إذ وضع يده بجرأة في النار الملتهبة ، ولم ينبس ببنت شفة حينما كانت تحترق ، كما كان باسلاً طيلة الساعات الأربع والنصف الذي قضى من بعدها نحبه وهو مخوزق ".
بينما يصف لنا ( هنري لورنس ) بعض ماحدث ، بقوله :_ " ولحسن الحظ يتم العثور على القاتل الذي كان قد لاذ بحديقة مجاورة ، وهو حلبي اسمه سليمان ، ويجري على الفور التحقيق معه وتعذيبه على يد بارتيملي الذي يحصل على كل حقائق المسألة ، لقد تصرف الرجل بمفرده ، وقد اكتفى بكشف المشايخ من الأزهر الذين حاولوا ثنيه عنه دون أن يقوموا مع ذلك بإبلاغ السلطات الفرنسية ، ويجري دعوة الشيخين الشرقاوي والعريشي إلى الاجتماع فوراً ، وتصدر إليهما الأوامر بالتحرك لإلقاء القبض على عدد من الأزهريين ، وتجتمع محكمة عسكرية في 15 و 16 يونيو وتحكم على الحلبي بقطع زنده ، وبخوزقته علناً ، ولا يحق للأزهريين غير الاكتفاء بقطع رؤوسهم ، وبعد الدفن يتحرك الحاضرون لمشاهدة عذاب إعدام القاتل ، ويجري البدء بقطع رؤوس المشايخ المرتعدين ، ثم يحرق بارتيملي ( فرط الرمان ) زند القاتل ويتجه إلى خوزقته ، ويتصرف الحلبي بشجاعة مردداً الشهادتين وآيات من القرآن ".
الدكتور شاكر مصطفى والصحفي هاني الخيّر وبدء الحملة
إن الدكتور شاكر مصطفى واحد من المؤرخين الذين يحملون في نفوسهم وفي أفكارهم ذكر طيب وعطر لهذا الشهيد البطل الذي قدّم حياته فداء للأوطان ، وهو من الذين راعهم رؤية جمجمته في متحف الإنسان في باريس وتحتها دمغة الإجرام ، فراح يصف لنا ما رآه في ذاك المتحف ، وما أثاره ذلك المشهد من ذكريات عادت به إلى ما كان قد تعلمه في سنوات الدراسة عن ذلك البطل المغوار ، فتحت عنوان ( جمجمة وجمجمة ) نقرأ للدكتور مصطفى : " هما جمجمتان جارتان في متحف الإنسان بقصر شايّو ( في باريس ) علبتان فارغتان من العظم الأبيض تسكنان هناك ، بدل القبر ، في جامين أخوين من البلور ، كتبوا تحت الأولى (جمجمة مجرم : سليمان الحلبي ) وتحت الجارة الأخرى ( جمجمة عبقري : ديكارت ) ! ….
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
سليمان الحلبي يقتل المستعمر كليبر