نَالَتْ عَلَى يَدِهَــا مَا لَـمْ تَنَــلْـهُ يَـدِي
نَقْشاً عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ(1) بِهِ جَلَـدِي
كَأنـهُ طَـــرْقُ نَمْــلٍ فِـي أنَامِـــلِـهَا
أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْهَا(2) السُّحْـبُ بالبَـرَدِ
كأَنَّهَا خَشِيَـتْ مِنْ نَبْـلِ مُقْلَتِـــهَا
فَأَلْبَسَتْ زَنْدَها(3) دِرْعـاً مِـنَ الـزَّرَدِ(4)
مَدَّتْ مَواشِطَهَا(5) فِي كَفِّـهَا شَرَكـاً
تَصِيدُ قَلْبِي بِـهِ مِنْ دَاخِـلِ الجَسَـدِ
وَقَوْسُ حَاجِبِـهَا مِنْ كُـلِّ نَاحِيَـةٍ
وَنَبْلُ مُقْلَتِـــهَا تَرْمِـي بِـــهِ كَبِـدِي
وَخَصْرُهَا نَاحِلٌ مِثْلِـي عَلَى كَفَـلٍ(6)
مُرَجْرَجٍ قَدْ حَكَى الأَحْزَانَ فِي الخَلَـدِ
أُنْسِيَّةٌ لَوْ رَأتْهَا الشَّمْـسُ مَا طَلَعَـتْ
مِنْ بَعْدِ رُؤيَتِهَا يَـوْماً عَلَـى أَحَـدِ
سَأَلتُهَا الوَصْلَ قَالَـتْ لا تُغَـرَّ بِنَـا
مَنْ رَامَ منَّا وِصَالاً مَـاتَ بالكَمَـدِ
فَكَمْ قَتِيلٍ لَنَا بالحُبِّ مَـاتَ جَـوًى(7)
من الغَـرَامِ وَلَمْ يُبْـدِي وَلَـمْ يَعِـدِ
فَقُلْتُ : أَسْتَغْفِـرَ الرَّحْمنَ مِنْ زَلَـلٍ
إِنَ المُحِـبَّ قَلِيـلُ الصَّبْـرَ وَالجَلَـدِ(8)
قَالَتْ وَقَدْ فَتَكَـتْ فِينَـا لَوَاحِظُــهَا
مَا إِنْ أَرَى لِقَتِيـل الحُـبِّ مِنْ قَـوَدِ(9)
قَدْ خَلَّفَتْنِـي طَرِيحـاً وَهـي قَائِلَـه
تَأَمَّلُوا كَيْفَ فَعَـلَ الظَبْـيِ(10) بالأَسَـدِ
قَالَتْ لِطَيْفِ خَيَالٍ زَارَنِـي وَمَضَـى
بِاللهِ صِـفْــهُ وَلاَ تَنْــقُـصْ وَلاَ تَــزِدِ
فَقَالَ : خَلَّـفْــتُهُ لَوْ مَـاتَ مِـــنْ ظَمَـأٍ
وَقُلْتِ : قِفْ عَنْ وَرُودِ(11) المَاءِ لَمْ يَـرِدِ
وَاسْتَرْجَعَتْ سَألَتْ عَنِّي فَقِـيْـلَ لَهَـا
مَا فِيهِ مِنْ رَمَقٍ ، دَقَّـتْ يَـــدّاً بِــيَـدِ
وَأَمْطَرَتْ لُؤلُؤاً منْ نَرْجِسٍ وَسَقَـتْ
وَرْداً وَعَضَّتْ عَلَى العُـنَّابِ بِالبَـرَدِ
وَأَنْشَـــدَتْ بِلِـــسَـانِ الحَـالِ قَائِــلَـةً
مِنْ غَيْرِ كَـرْهٍ وَلاَ مَطْـلٍ(12) وَلاَ مَـدَدِ
وَاللّهِ مَا حَـزِنَـتْ أُخْــتٌ لِفَــقْـدِ أَخٍ
حُزْنِــي عَلَــيْـهِ وَلاَ أُمٍّ عَــلَـى وَلَـدِ
فَأْسْرَعَتْ وَأَتَتْ تَجرِي عَلَى عَجَـلٍ
فَعِـنْدَ رُؤْيَــتِـهَا لَمْ أَسْتَــطِـعْ جَلَــدِي
وَجَرَّعَتْنِـي بِرِيـقٍ مِـنْ مَرَاشِفِـهَا(13)
فَعَادَتْ الرُّوحُ بَعْدَ المَوْتِ فِي جَسَدِي
هُمْ يَحْسِدُونِي عَلَى مَوْتِي فَوَا أَسَفِـي
حَتَّى عَلَى المَوتِ لاَ أَخْلُو مِنَ الحَسَـدِ
ـــــــــــــــــــــــــ المعاني ــــــــــــــــــــــ
1 - أوهت: أضعفت.
2 - رصعتها: زينتها وجملتها.
3 - زندها: اي ذراعها.
4 - الزرد: الذهب المتلألئ
5 - مواشطها: أي الأمشاط في يدها، ومفردها (مشط).
6 - الكَفل: هو آخر الظهر، أي مؤخرة الجسم.
7 - الجوى: هو الحزن الشديد.
8 - الجَلَد: أي الصبر والتحمل.
9 - قود: أي قيود.
10 - الظبي: صغير الغزال.
11 - ورود الماء: أي إتيان الماء وشربه، فهو يقول بأنه حتى ولو كان عطشا وقالت له لا تشرب فلن يشرب.
12 - مطل: من التماطل، أي التأخير عن قصد
13 - مراشفها: شفتيها، أي أنها قبلته قبلة أعادت الروح بعد الموت إلى جسده
يزيد بن معاوية
نَقْشاً عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ(1) بِهِ جَلَـدِي
كَأنـهُ طَـــرْقُ نَمْــلٍ فِـي أنَامِـــلِـهَا
أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْهَا(2) السُّحْـبُ بالبَـرَدِ
كأَنَّهَا خَشِيَـتْ مِنْ نَبْـلِ مُقْلَتِـــهَا
فَأَلْبَسَتْ زَنْدَها(3) دِرْعـاً مِـنَ الـزَّرَدِ(4)
مَدَّتْ مَواشِطَهَا(5) فِي كَفِّـهَا شَرَكـاً
تَصِيدُ قَلْبِي بِـهِ مِنْ دَاخِـلِ الجَسَـدِ
وَقَوْسُ حَاجِبِـهَا مِنْ كُـلِّ نَاحِيَـةٍ
وَنَبْلُ مُقْلَتِـــهَا تَرْمِـي بِـــهِ كَبِـدِي
وَخَصْرُهَا نَاحِلٌ مِثْلِـي عَلَى كَفَـلٍ(6)
مُرَجْرَجٍ قَدْ حَكَى الأَحْزَانَ فِي الخَلَـدِ
أُنْسِيَّةٌ لَوْ رَأتْهَا الشَّمْـسُ مَا طَلَعَـتْ
مِنْ بَعْدِ رُؤيَتِهَا يَـوْماً عَلَـى أَحَـدِ
سَأَلتُهَا الوَصْلَ قَالَـتْ لا تُغَـرَّ بِنَـا
مَنْ رَامَ منَّا وِصَالاً مَـاتَ بالكَمَـدِ
فَكَمْ قَتِيلٍ لَنَا بالحُبِّ مَـاتَ جَـوًى(7)
من الغَـرَامِ وَلَمْ يُبْـدِي وَلَـمْ يَعِـدِ
فَقُلْتُ : أَسْتَغْفِـرَ الرَّحْمنَ مِنْ زَلَـلٍ
إِنَ المُحِـبَّ قَلِيـلُ الصَّبْـرَ وَالجَلَـدِ(8)
قَالَتْ وَقَدْ فَتَكَـتْ فِينَـا لَوَاحِظُــهَا
مَا إِنْ أَرَى لِقَتِيـل الحُـبِّ مِنْ قَـوَدِ(9)
قَدْ خَلَّفَتْنِـي طَرِيحـاً وَهـي قَائِلَـه
تَأَمَّلُوا كَيْفَ فَعَـلَ الظَبْـيِ(10) بالأَسَـدِ
قَالَتْ لِطَيْفِ خَيَالٍ زَارَنِـي وَمَضَـى
بِاللهِ صِـفْــهُ وَلاَ تَنْــقُـصْ وَلاَ تَــزِدِ
فَقَالَ : خَلَّـفْــتُهُ لَوْ مَـاتَ مِـــنْ ظَمَـأٍ
وَقُلْتِ : قِفْ عَنْ وَرُودِ(11) المَاءِ لَمْ يَـرِدِ
وَاسْتَرْجَعَتْ سَألَتْ عَنِّي فَقِـيْـلَ لَهَـا
مَا فِيهِ مِنْ رَمَقٍ ، دَقَّـتْ يَـــدّاً بِــيَـدِ
وَأَمْطَرَتْ لُؤلُؤاً منْ نَرْجِسٍ وَسَقَـتْ
وَرْداً وَعَضَّتْ عَلَى العُـنَّابِ بِالبَـرَدِ
وَأَنْشَـــدَتْ بِلِـــسَـانِ الحَـالِ قَائِــلَـةً
مِنْ غَيْرِ كَـرْهٍ وَلاَ مَطْـلٍ(12) وَلاَ مَـدَدِ
وَاللّهِ مَا حَـزِنَـتْ أُخْــتٌ لِفَــقْـدِ أَخٍ
حُزْنِــي عَلَــيْـهِ وَلاَ أُمٍّ عَــلَـى وَلَـدِ
فَأْسْرَعَتْ وَأَتَتْ تَجرِي عَلَى عَجَـلٍ
فَعِـنْدَ رُؤْيَــتِـهَا لَمْ أَسْتَــطِـعْ جَلَــدِي
وَجَرَّعَتْنِـي بِرِيـقٍ مِـنْ مَرَاشِفِـهَا(13)
فَعَادَتْ الرُّوحُ بَعْدَ المَوْتِ فِي جَسَدِي
هُمْ يَحْسِدُونِي عَلَى مَوْتِي فَوَا أَسَفِـي
حَتَّى عَلَى المَوتِ لاَ أَخْلُو مِنَ الحَسَـدِ
ـــــــــــــــــــــــــ المعاني ــــــــــــــــــــــ
1 - أوهت: أضعفت.
2 - رصعتها: زينتها وجملتها.
3 - زندها: اي ذراعها.
4 - الزرد: الذهب المتلألئ
5 - مواشطها: أي الأمشاط في يدها، ومفردها (مشط).
6 - الكَفل: هو آخر الظهر، أي مؤخرة الجسم.
7 - الجوى: هو الحزن الشديد.
8 - الجَلَد: أي الصبر والتحمل.
9 - قود: أي قيود.
10 - الظبي: صغير الغزال.
11 - ورود الماء: أي إتيان الماء وشربه، فهو يقول بأنه حتى ولو كان عطشا وقالت له لا تشرب فلن يشرب.
12 - مطل: من التماطل، أي التأخير عن قصد
13 - مراشفها: شفتيها، أي أنها قبلته قبلة أعادت الروح بعد الموت إلى جسده
يزيد بن معاوية