الصالحون
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد 00
قال سبحانه : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) 0
يبشر ربنا سبحانه عباده في هذه الآية الكريمة بالحياة الطيبة في الدنيا ، وهي راحة البال وانشراح الصدر ، وطمأنينة النفس ، وسعادة القلب ، وبالجزاء العظيم يوم القيامة في مقعد صدق عند مليك مقتدر 0
من هؤلاء الذين بشرهم الله سبحانه بالحياة الطيبة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة إنهم الصالحون الذين آمنوا وعملوا الصالحات فاستحقوا هذا الثواب العظيم من هذا الرب الكريم 0
إن على كل مسلم محب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم أن يجتهد في أن يكون من هؤلاء الصالحين ليحصل هذا الفضل العظيم 0
من هم الصالحون الذين بشرهم الله تعالى في هذه الآية الكريمة
الصالحون هم الذين آمنوا بربهم حق الإيمان ، وصدقوا به حق الصدق ، ولم يدخل في قلوبهم شك ولا ريب في صحة إسلامهم وصدق إيمانهم ، قال سبحانه :
( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ) ، علموا أن الله حق ، وأن دين الله حق وصدق ، وأنه لا دين إلا دين الإسلام ، وما سواه من الأديان فهو كفر وضلال ، قال سبحانه : ( إن الدين عند الله الإسلام ) وقال عز وجل : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) 0
الصالحون هم الذين يتبعون الإيمان بالعمل الصالح ، فلا صلاح إلا بالإيمان وعمل الصالحات
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ) ،
فالصالحون هم الذين يقضون أوقاتهم في طاعة الله سبحانه والعمل الصالح دون كلل ولا ملل ، لا يضيعون أوقاتهم فيما لا ينفعهم من قيل وقيل ، وإكثار من المباحات ، أو وقوع في المحرمات ، بل نهارهم صيام ، وليلهم قيام ، وما بين ذلك ذكر ودعاء ، يعلمون أنهم محاسبون على أوقاتهم عند لقاء ربهم يوم القيامة ، صح في سنن الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لا تزول قدما عبد يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس : عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وماذا عمل فيما علم "
نســـــير إلى الآجال في كل لحظة وأيامنا تطـــوى وهن مراحــــل
وما أقبح التفريط في زمن الصبا فكيف به والشيب للرأس شامل
ترحل من الدنيا بزاد من التقـــى فعمرك أيام وهن قلائـــــــــــــــل
الصالحون هم الذين يتصفون بمكارم الأخلاق وجميل الصفات ، فلا كذب ولا غيبة ولا نميمة ، ولا سب ولا شتم ، ولا لعن ولا استهزاء ولا سخرية ، صح في المسند من حديث طلق بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء "
، بل كلامهم صدق وأمانة ، وتواضع ورفق ولين ، يمتثلون قول الله تعالى : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم ) ، وقول الله سبحانه : ( الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) 0
الصالحون قلوبهم سليمة من الحقد والغل والحسد ، لا يحسدون ولا يحقدون ، قلوبهم سليمة على إخوانهم ، يكظمون الغيط ويعفون عند المقدرة ، شعارهم في ذلك قول ربهم سبحانه : ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا رنا إنك رؤؤف رحيم ) ، وقدوتهم في ذلك نبيهم الذي يقول كما صح في السنن عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤؤس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين يزوجه منها ما يشاء " ،
وصح في سنن ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أفضل
قال : " كل مخموم القلب صدوق اللسان " ، قالوا : صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب
قال : " هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد " 0
لما عفوت ولم أحقد على أحـــد أرحت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيتـــــه لأدفع الشــــــر عني بالتحيات
وأظهر البشر للإنســان أبغضه كما إن قد حشــى قلبي محبات
الناس داء ودواء الناس قربهم وفي اعتزالهم قطـــع للمودات
وفقنا الله جميعا لطاعته وجنبنا معصيته إنه سميع مجيب