بسم الله الرحمن الرحيم
مواقف مؤثرة من حياة الصالحات
الشيخ / عبد السلام العييري .
الحمد لله الذي فَلَقَ النواة والحَبْ ، وخلق الفاكهة والأب ، وأبغَضَ
وكرِه وأحب ، وأَمْرضَ وداوى وطَبْ ، أنشأ الإنسان والحيوان بقدرته فَدَبْ
، فالعجب كل العجب لمربوب يجحد الرب ، أشهد أن لا إله إلا الله ويفعل ما
يشاء ، ويحكم ما يريد ، سبحانه وسِعت آثار رحمته أهل الأراضي وسكان
السماوات .
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أشرفُ الخلائقِ خُــلْقــاً وخَــلْقــاً ،
ورضي الله عن أصحابه حازوا كل الفضائل سبقى ، فما حَمَلَتْ من ناقةٍ فوق
ظهرها أبر و أوفى ذمةً من محمدٍ ــ عليه السلام ــ . أمــــــــا بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أحمدُ الله تعالى على أَنْ وفَّقَنِي لِجَمْعِ سِِيرِ الصالحات ، فلقد
ظَنَنْتُ أَنَّ الصالحات في زَمَانِنَا أَقَلُ مِنَ الأَزْمَاِن الغابرة
السابقة ، لكن لما رأيتُ وبحثتُ وجمعتُ بعض الأخبار وجدتُ العجب . فإليكم
هذه الأخبار :
القصة الأولى
عَمَّةُ أحد طلاب العلم دائماً تصلي ولا تُرى إلا على مُصلاها ، ولما ماتت
رأتها قريبةٌ لها على صورةٍ حسنة ، فسألتها عن حالها ، فقالت : أنا في
الفردوس الأعلى ، قالت قريبتها بماذا ؟ قالت : عليك بكثرة السجود .
القصة الثانية
أخبرني أحد طلاب العلم أنه اتصلت به امرأة وهي تبكي وظنَّ أنها قد أذنبت
بل قالت له : يا شيخ إني قد عصيت الله عز وجل ، معصيةً عظيمة ، فلما
استفسر منها وسألها ، فإذا هي قد تركت صلاة الوتر البارحة ، فقالت : هل من
كفارة أُكَفِّرُ بها عن ذنوبي .
القصة الثالثة
تقول إحدى مديرات دُور تحفيظ القرآن : لمّا افتتحنا الدار كان عندنا
دَرَجٌ في الشارع ولم نجعل ممراً للعربات ، لا لكبيرات السِّن ولا
للمعوقات ، قالت : وفي اليوم الأول للتسجيل فوجئنا بامرأة تجاوزت الستين
من عمرها وهي تحبوا على الدَرَج ، تريد الدخول للدار فالتحقت بهم لكن
صَعُبَ عليها الاستمرار بعد مُدة ، ولم تستطع أن تواصل الحفظ ، لِكِبَرِ
سنها وقعدت في بيتها .
القصة الرابعة
وهذه أخرى من الصالحات ، حَفِظت القرآن وهي فوق الستين ، وأخبارها عجيبة ،
لكن مُلخص الخبر وهذا الموقف أو المواقف لها ، أنها تجاوزت الستين ولمّا
ختمت القرآن في رمضان الماضي ، استأجرت امرأة لا تعرفها ولا تعرفها النساء
اللاتي حولها ، حتى تُسَّمِع لها القرآن كاملاً ، ولا يعلم بخبرها إلا قلة
من النساء ، وأَخَذَت العهد على بعض النساء ألاّ يُخبرن أحداً .
القصة الخامسة
فتاةٌ أخرى لها همةٌ عالية عظيمة ، شابةٌ مُعاقة ، أُصيبت في حادث بشللٍ
رباعي جعلها طريحة الفراش أكثر من خمس عشرةَ سنة ، امتلأ جسمها قروحاً
وتآكل اللحم بسبب ملازمتها للفراش ، ولا تُخرج الأذى من جسدها إلا بمساعدة
أمها ، لكن عقلها متدفق وقلبها حي مؤمن ، فَفَكرت أن تخدم الإسلام ببعض
الأمور ، فوجدت بعض الأساليب والطرق التي تنفع بها دين الله عز وجل ، أو
تنفع بها نفسها وتنشر دين الله عز وجل ، فجَعلت ما يلي :
1/ فتحت بيتها لمن شاء ، من النساء أن يزورها ، أو حتى من الناس من
محارمها أن يزوروها ليعتبروا بحالها ، فتأتيها النساء ودارِسات التحفيظ ،
ثم تُلقي عليهن محاضرةً بصوتها المؤثر .
2/ جعلت بيتها مستودعاً للمعونات العينية والمادية للأسر المحتاجة ، وتقول
زوجة أخيها : إنَّ ساحة البيت الكبيرة لا أستطيع أن أسير فيها من كثرة
المعونات للأسر الضعيفة .
3/ تُجهز المسابقات على الكتب والأشرطة وتوزعها على الأسر المحتاجة مع
المواد الغذائية ، ويقول أحد محارمها : إني لا أستطيع أن أُحَضِّر
المسابقات إلا من طريقها .
4/ لا تدع مُنكراً من المنكرات ، من منكرات النساء إلا وتتصل على صاحبة المُنكر وتُنكر عليها .
5/ تُشارك في تزويج الشباب والشابات عن طريق الهاتف .
6/ تُساهم في إصلاح ذاتِ البين وفي حلول المشاكل الزوجية . إنها والله امرأةٌ عجيبة .
القصة السادسة
وهذه أُخرى لا يُطيعها زوجها أن تذهب للمحاضرات ، فبدأت تتصل على النساء
اللاتي تعرفهن من الجيران ومن الأقارب ومن الزميلات ، فتحُثُهُن على حضور
المحاضرات وهي قليلة الحضور للمحاضرات بسبب زوجها .
القصة السابعة
امرأة في مدينة الرياض ، لها في كل باب من أبواب الخير سهم ، فهي تساعد
الراغبين في الزواج ، وتعطي أُسرة السجين ، وتقوم على الأرامل والمساكين ،
ومن أعمالها أنها تسببت في بناء سبع مساجد في المملكة ، وكَفَلَتْ (500 )
أسرة من الأسر المحتاجة ، وقد كَفِلَتْ (30) يتيماً أيضاً ، وأَسَلم
بسببها في دولة تشاد بأفريقيا قريباً من مائتي ألف رجل وامرأة ، لله
دَرُّها .
القصة الثامنة
وهذه امرأة أخرى ، فتحت دارها للعلم والدعوة والتحفيظ ، فلمّا كَثُرتَ
النساء والأطفال عندها ، فتحت على حسابها وعلى حسب ما تجمعه من النساء
فتحت دارً في مكان آخر .
القصة التاسعة
أُقيمت مرة محاضرة في مدينة الرياض ، ووصل حضور النساء إلى : عشرة آلاف
امرأة وقبل المغرب بساعة وصل العدد كما يقول أحد أهل العلم عن إحدى
قريباته ، وصل العدد ما قبل المغرب بساعة إلى : سبعة آلاف امرأة .
القصة العاشرة
بعض المريضات في المستشفى يقلن : من أحسن الهدايا لنا أثناء الزيارة وأيام
العيدين ، أن يأتي أحد الزوار لنا ، بمصحف أو شريط للقرآن أو أن يأتي
بالكتب النافعة .
القصة الحادية عشر
وهذه أم عبد الرحمن ، تأتي مع زوجها من أقصى جنوب الرياض إلى أقصى شرقه ،
يتركها زوجها في المستشفى للعلاج ويذهب هو لدوامه ، وتمر عليها فترات
تحتاج إلى المستشفى كل يوم تقريباً ، فاستغلَّت هذه المرأة الداعية
المريضة جلوسها الطويل في المستشفى وانتظارها لدورها في العلاج ، استغلَّت
الوقت بالدعوة إلى الله عز وجل ، والتذكير به سبحانه وتعالى ، وزيارة
المريضات ، وتقوم بتعليمهن الصفة الصحيحة للطهارة والصلاة وأحكام طهارة
المريض ، ولا تترك فرصةً لدعوة ممرضة أو طبيبة إلا وتقوم بالدعوة، وهكذا
تتنقل بين الأقسام وقد نفع الله عز وجل بها نفعاً عظيماً .
فاللهم اشفها وعافها ، فما أعظم الأجر ، تحمل في جسدها المرض ، وفي قلبها
النور والإيمان والدعوة إلى الله عز وجل ، وتقوم بتنفيس الكُربات عن
المحزونين والمرضى ، واللــــــه عز وجل الموعد .
القصة الثانية عشر
امرأة أخرى مات زوجها وهي في الثلاثين من عمرها ، وعندها خمسة من الأبناء
والبنات ، أظلمت الدنيا في عينها وبكت حتى خافت على بصرها ، وطوّقها الهم
وعلاها الغم ، فأبناءها صغار وليس عندها أحد ، كانت لا تصرف مما ورثته من
زوجها إلا القليل ، حتى لا تحتاج إلى أحد ، وذات مرة كانت في غرفتها في
شدةِ يأس وانتظار لفرج الله عز وجل ، ففتحت إذاعة القرآن الكريم وسمعت
شيخاً يقول : قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ " من لزِم الاستغفار
جعل الله له من كل همِِّ فرجاً ، ومن كل ضيقٍ مخرجاً ، ورزقه من حيث لا
يحتسب " . تقول هذه المرأة : فبدأتُ أُكثر من الاستغفار وآمر به أبنائي ،
وما مرَّ بهم ستة أشهر حتى جاء تخطيط لمشروع على أملاكٍ لهم قديمة ،
فعُوِّضت هذه المرأة
عن أملاكهم بملايين ، ووفَّق الله أحد أبناءها فصار الأول على أبناء
منطقته ، وحفظ القرآن الكريم كاملاً ، وصار الولد محل عناية الناس
واهتمامهم ورعايتهم لما حفظ القرآن ، وتقول هذه الأم : وملأ الله عز وجل
بيتنا خيراً ، وصرنا في عيشةٍ هنيئة ، وأصلح الله كل ذريتها ، وأذهبَ الله
عنها الهم والغم ، وصدق الله عز وجل إذ يقول : {ومن يتقِ الله يجعل له
مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إنَّ الله
بَالِغُ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً}.
القصة الثالثة عشر
وهذا رجلٌ صالح عابد أُصيبت زوجته بمرض السرطان ولها منه ثلاثة من الأبناء
، فضاقت عليهم الأرض بما رَحُبَتْ ، وأظلمت عليهما الأرض ، فأرشدهما أحد
العلماء إلى : قيام الليل ، والدعاء في الأسحار مع كثرة الاستغفار ،
والقراءة في ماء زمزم ، واستخدام العسل ، فاستمرا على هذه الحالة وقتاً
طويلاً ، وفتح الله عز وجل على هذا الرجل و زوجته بالدعاء والتضرع
والابتهال إليه جل وعلا ، وكانا يجلسان من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس
، ومِنْ صلاة المغرب إلى صلاة العشاء ــ على الذكر والدعاء والاستغفار ،
فكشف الله عز وجل ما بها وعافاها ، وأبدلها جِلداً حسناً وشعراً جميلاً ،
قال الله سبحانه وتعالى : {أمَّن يُجيبُ المُضطرَّ إذا دعاه ويكشِفُ
السوءَ ويجعلُكُم خُلفاءَ الأرض أإله مع الله قليلاً ما تَذَّكَرون} .
القصة الرابعة عشر
وهذه امرأة صالحة ومتصدقة كريمة ، شَهِدَ لها بهذا الأمر المُقرَّبُون ،
خمسون عاماً مرَّت عليها وهي بَكْمَاء لا تتكلم ، اعتاد زوجها هذا الوضع ،
مؤمناً بقضاء الله وقدره ، وفي ليلة من الليالي استيقظت المرأة وبدأت
تُصلي بصوتٍ مسموع ، فقام زوجها مُستغرباً فَرِحاً ، ثم سمعها تنطق
بالشهادتين نُطقاً صحيحاً ، ثم تضرعت إلى الله عز وجل بالدعاء ، وكان
زوجها ينتظرها تنتهي من صلاتها فَرِحاً بها لكنها تُوفيت بعد قيامها الليل
، هنيئاً لها ، فمن مات على شيء بُعِثَ عليه .
القصة الخامسة عشر
ذكر أحد الدعاة عن امرأة في روسيا ، امرأةٌ غريبة في الدعوة إلى الله عز
وجل ، والصبر على التعليم ، قد صنعت هذه المرأة ما لم يصنعه الرجال ،
ظلَّت هذه المرأة خمس عشرة سنة تدعوا إلى الله عز وجل سِراً ، أيام الحكم
الشيوعي ، وتنتقل من بيت إلى بيت وتُعلِّم النساء القرآن وتُخرِّج
الداعيات ، ولم تغفل أيضاً عن أسرتها ولا عن أولادها ، فأولادها من كبار
الدعاة في روسيا ، وأزواج بناتها الأربع كلهم من الدعاة أيضاً ، وأحد
أزواج بناتها هو مُفتي البلدة التي تُقيم فيها هذه المرأة .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]