صفة عمرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم
سوف نذكر هنا صفة عمرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : حتى تفعل أخي المسلم مثل ما فعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ للعمرة ( عمرة القضاء ) فأحرم من ذي الحليفة ونوى بالعمرة وتوجه إلى مكة المكرمة، وعندما دخل المسجد الحرام وبدأ الطواف بفعل ما يلي :
الطواف :
بادر إلى الحجر الأسود فاستقبله ـ صلى الله عليه وسلم ـ استقبالاً وكبر، ثم استلمه بيده، وقبله بفمه عليه الصلاة والسلام .( فإن لم تتمكن من تقبيله استلمه بيدك ثم قبل يدك فإن لم تتمكن من الاستلام فأشر إليه بيدك، وتفعل ذلك في كل شوط. وفي استلام الحجر فضل كبير لقوله صلى الله عليه وسلم: ( مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطاً ) حسنه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي.
ثم بدأ بالطواف حول الكعبة وجعلها عن يساره، وابتدئ الشوط من الحجر الأسود واختتمه به، وطاف من وراء الحجر ( أي حجر إسماعيل وهو القوس الأبيض المبني من الرخام ) سبعة أشواط، واضطبع فيها ( أي كشف كتفه الأيمن ) وأرمل ( أي أسرع في المشي مع مقاربة الخطوات ) في الثلاثة الأشواط الأولى ، من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ، ثم مشى في سائرها صلى الله عليه وسلم .
واستلم الركن اليماني بيده في كل (شوط) ولم يقبله ( فإن لم تتمكن من استلامه فبالإشارة إليه باليد ) وقال صلى الله عليه وسلم بينهما ( أي الركن اليماني والحجر الأسود ) : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار).
وإن أحببت أن تأتي الملتزم – وهو ما بين الحجر الأسود والباب – فتضع عليه صدرك ووجهك، وذراعيك وكفيك ثم تسأل الله حاجتك ، فافعل ذلك، كونه ـ صلى الله عليه وسلم فعل ذلك . ولم يذكر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي ذكر خاص بالطواف ، فلك أن تقرأ من القرآن أو الذكر ما تشاء أو تدعو الله تعالى .
وبعد أن انتهى صلى الله عليه وسلم من الشوط السابع غطى كتفه الأيمن، وانطلق إلى مقام إبراهيم ، وقرأ: ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ). وجعل المقام بينه وبين الكعبة وصلى عنده ركعتين، ( وإن لم يتيسر لك ذلك فصلهما في أي موضع من المسجد ) ، وقرأ صلى الله عليه وسلم فيهما ( قل يا أيها الكافرون ) و ( قل هو الله أحد ). ثم بعد أن فرغ صلى الله عليه وسلم من الصلاة ذهب إلى زمزم فشرب منها، وصب على رأسه، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنها مباركة وهي طعام طعم، وشفاء سقم ).
السعي بين الصفا والمروة:
ثم خرج صلى الله عليه وسلم ليسعى بين الصفا والمروة، فعندما دنا من الصفا قرأ قوله تعالى: ( إن الصفا والمروة من شعائر الله، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما، ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم )، وقال: ( نبدأ بما بدأ الله به ). ثم بدأ صلى الله عليه وسلم بالصفا فارتقي عليه حتى رأى الكعبة، واستقبل الكعبة، ووحد الله وكبره وقال: ( الله أكبر الله أكبر )، ( الحمد لله الحمد الله الحمد الله ) .
ثم نزل صلى الله عليه وسلم وسعى بين الصفا والمروة، ومشى إلى العلم ( ومكانه الآن أضواء خضراء ) ثم ركض إلى العلم الآخر الذي بعده،( فإذا ركضت أخي الحاج فاركض ركضاً شديداً بقدر ما تستطيع بحيث لا تؤذي أحدا ) ( وطواف النساء وسعيهن مشي كله ) ثم مشى صلى الله عليه وسلم صعداً حتى أتى المروة فارتقى عليها، وصنع فيها ما صنع على الصفا من استقبال القبلة، والتكبير، والتوحيد، والدعاء .
ثم عاد صلى الله عليه وسلم حتى ارتقى على الصفا ، ومشى موضع مشيه، وسعى موضع سعيه، شوط ثانٍ. ثم عاد صلى الله عليه وسلم إلى المروة ، وهكذا حتى أتم سبعة أشواط نهاية آخرها على المروة . ( ويستحب أخي المعتمر أن تكثر في سعيك من الذكر والدعاء بما تيسر وأن تكون متطهراً من الأحداث والأخباث، ولو سعيت على غير طهارة أجزأك ذلك، وهكذا لو حاضت المرأة أو نفست بعد الطواف سعت وأجزأها ذلك لأن الطهارة ليست شرطاً في السعي وإنما هي مستحبة. ولكن لابد من الموالاة ( التتابع) بين الأشواط إلا إذا قطعته الصلاة فيصلي في مكانه ،وليبن من مكانه الذي قطع فيه الشوط، كذلك إذا احتاج الخروج إلى الخلاء ) .
وبعد أن انتهى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الشوط السابع على المروة حلق شعر رأسه كله، ودعا صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً وبدأ بيمين رأسه . ومن لا يريد الحلق فله أن يقصر ولكن الحلق أفضل، كونه فعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولأنه دعا للمحلقين ثلاثا إلا أن يكون وقت الحج قريباُ، بحيث لا يتسع لنبات شعر الرأس فإن الأفضل التقصير ليبقى الرأس للحلق في الحج ، والحلق خاص بالرجال دون النساء ، والمرأة لا يشرع لها إلا التقصير ، والمشروع لها أن تأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة فأقل ، والأنملة هي رأس الإصبع ، ولا تأخذ المرأة زيادة على ذلك ، وبذلك تنتهي العمرة وحل له ما حرم عليه بالإحرام .
بهذا تكون قد انتهيت من آداء مناسك العمرة ، والله أعلم ـ والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم