تعتبر مدينة بيت المقدس، إحدى أهم بقاع الأرض قدسية عند المسلمين، وظهرت أهميتها الدينية منذ أن ظهرت مدينة مكة، وظهرت بها الكعبة المشرفة، التي بناها سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام، فمدينة بيت المقدس، عرفت منذ العرب الكنعانيين اليبوسيين منذ 3500 عام ق.م. و اليبوسيون هم إحدى القبائل العربية الكنعانية، التي هاجرت من الجزيرة العربية الى ارض فلسطين، فبنوا مدينة بيت المقدس، وكان ملكهم في ذلك الزمان، ويدعى (ملكي صادق) وهو أحد الملوك الموحدين في ذلك العصر، ويقال انه كان من الأنبياء الموحدين كسيدنا إبراهيم، وقد نصبه عدد من الملوك في المنطقة المحيطة بمدينة بيت المقدس، ملكا عليهم، لسمو أخلاقه ولكثرة تعبده، وكان يملك مغارة في إحدى مناطق بيت المقدس للتعبد بها، وكان على صلة قوية مع سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء، فكما هو معروف، فقد كان سيدنا إبراهيم من الموحدين، وعندما هاجر من مدينة أور، في شمال العراق الى مدينة بيت المقدس عبر مدينة " حران "، استقبله الملك (ملكي صادق) وأحسن استقباله، وقد عاش الاثنان في نفس الفترة الزمنية، لذلك كانا على صلة كبيرة ببعضهم، وقد زار سيدنا إبراهيم الملك (ملكي صادق) في مدينة بيت المقدس مرات عديدة، وقامت بينهما صداقة متينة، وكانت تدعى مدينة بيت المقدس في ذلك الزمان بمدينة (يبوس) نسبة الى أهلها اليبوسيين العرب الذين بنوها.
من المعروف أن المنطقة المقام عليها المسجد الأقصى المبارك، من المناطق المقدسة منذ القدم، وقد بني فيها المسجد الأقصى بعد أربعين عاما من بناء الكعبة المشرفة، وكان يوجد في بقعة الأرض المقام عليها المسجد الأقصى حاليا، مسجدا (المسجد كلمة كانت تطلق على مكان التعبد منذ القدم) خاصا للتعبد منذ ثلاثة آلاف و خمسماية عام قبل الميلاد، لذلك فان هذه البقعة المقدسة من الأراضي الفلسطينية، هي ملك للعرب اليبوسيين منذ آلاف السنين وحتى يومنا هذا، وأية ادعاءات أخرى خلاف ذلك، تعتبر باطلة ولا أساس لها من الصحة.
أثبتت الحفريات الإسرائيلية، التي قام بها علماء الآثار الصهاينة، في منطقة الحرم القدسي الشريف، منذ احتلالهم لمدينة بيت المقدس في العام 1967م، من اجل البحث عن هيكل سليمان المزعوم، أن لا وجود لأي آثار، فيما يتعلق بالهيكل المزعوم، وقد ثبت للكثير من العلماء الصهاينة وغيرهم من العلماء، أن هذا الهيكل هو من صنع الخيال، حيث لم يثبت وجوده على مر العصور، ويقال بأن هذا الهيكل سوف يهبط من السماء، حسب الوعد الإلهي لليهود، الذي يدعي اليهود أن الرب وعدهم به، ولكنه لم يهبط بعد، لذلك فلا وجود له بالمنطقة بالقطع، ولم يكن موجودا بالأصل، وما الادعاءات الصهيونية بوجود الهيكل المزعوم، إلا افتراءات و إفكا وبهتانا كبيرا.
عندما فتح الخليفة عمر بن الخطاب مدينة بيت المقدس، أمر ببناء المسجد الأقصى بها، في المكان المقدس الحالي، وتوالى من بعده المسلمون بترميمه وتوسعته، حتى أصبح بوضعه الحالي، ومما زاد من قدسية المكان وعظمته للمسلمين، إسراء سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من المسجد الحرام في مكة المكرمة، الى المسجد الأقصى في مدينة بيت المقدس، وكان هذا في أواخر الحكم الروماني لمدينة بيت المقدس، وأيضا، ترجع أهمية مدينة بيت المقدس للمسلمين، لأنها كانت أولى القبلتين، وفيها ثالث الحرمين الشريفين، وهي عند المسلمين أيضا ارض الرباط والجهاد، وحديث الرسول الكريم، عن فضل الصلاة فيها، كان من المبشرات، بأن القدس سيفتحها المسلمون، وستكون لهم، وسيشدون الرحال الى مسجدها، مصلين متعبدين، وما يدعي به الصهاينة اليهود (بحائط المبكى)، على أساس انه من بقايا الهيكل، ما هو إلا (حائط البراق)، وهو الجدار الغربي من مبنى المسجد الأقصى المبارك، وهو المكان الذي ربط فيه سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) دابته (البراق)، ولذلك سمي الحائط بهذا الاسم (حائط البراق).
هناك الكثير من الأجوبة لكثير من الأسئلة، التي تراود تفكير أبناء شعبنا العربي المسلم، وشعبنا المسلم في كافة أرجاء المعمورة، لأنه قد لا يعرف حقيقة مثل هذه الأسئلة والأجوبة والتي قد تكون قد وصلت إليه والى ذويه وأقربائه بشكل مغلوط، و تناقلتها العامة والخاصة، دون أن تدري بحقيقتها، خاصة وان تاريخ الإنسان منذ العصور القديمة، مصدره هو كتاب التوراة المقدس، والذي حرف فيه اليهود الكثير من مواضيعه وأحكامه وأحداثه، وأعادوا كتابتها حسب رغيتهم وأمزجتهم، حتى تتفق مع أكاذيبهم وادعاءاتهم الباطلة، هذا الكتاب الذي عمل اليهود والصهاينة على تحريفه ليتفق مع أطماعهم و أهوائهم، يعتبره بعض المثقفين في العالم في وقتنا الحاضر، بأنه المرجع التاريخي الوحيد، لكل التاريخ الإنساني، على الرغم من معرفة البعض منهم، بأن هذه التوراة، ليست النسخة الأصلية، بل، تم وضعها بعد حوالي ثمانمائة عام من نزول التوراة الحقيقية، على سيدنا موسى عليه السلام، من قبل أحد حكماء بني إسرائيل، والمدعو (عزرا)، بالتعاون مع عدد آخر من تلامذته، وقد اشتملت التوراة المحرفة، على الكثير من الأكاذيب والأباطيل ضد الأنبياء والرسل باسم الرب، ربهم، والذي يدعونه (يهوة)، فعمل اليهود الصهاينة، على توسيع كل ما يتعلق بتاريخهم، من أحاديث و أقوال وتأييد مزعوم لهم، وتقليص، بل وحذف وتحريف وتشويه، لكل ما لا يهمهم، لكثير من الصور والأمور، بحق الشعوب الأخرى التي ورد ذكرها خاصة الشعب الكنعاني اليبوسي، والمطلع على التوراة الحالية، يلمس بأن تاريخ البشرية، وكأنه تاريخ بني إسرائيل فقط، وأن البشر في العالم، هم بني يهوذا فقط، ولا أحد غيرهم.
الآثار في مدينة بيت المقدس:
يقال أن سور مدينة بيت المقدس، حولها الى متحف كبير، لكثرة ما يوجد بداخله من آثار ومقدسات، بحيث يشعر المرء عندما يتجاوز السور الى داخل البلدة القديمة، وكأنه يدخل الى متحف للآثار، معد خصيصا لعرض ما به من آثار، فيوجد داخل السور من المقدسات الإسلامية والمسيحية الشيء الكثير، فمن المقدسات الإسلامية مثلا، الحرم القدسي الشريف والذي يضم بداخله المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، وهما من الأماكن الإسلامية المقدسة لدى المسلمين، في كافة أنحاء المعمورة، كما يوجد حائط البراق، وهو المكان الذي ربط فيه الرسول الكريم دابته (البراق)، ثم عرج الى السماوات السبع حتى يلقى ربه، كما يوجد أيضا داخل السور كنيسة القيامة، التي يوجد فيها قبر السيد المسيح، ومنها حمل صليبه وجلد وعذب، وهي تعتبر أقدس بقعة في الأرض لدى المسيحيين، وهناك الكثير من الكنائس والمساجد والأديرة والقبور الهامة لأصحاب أجلاء.
هناك أشخاص مهمين جدا لهم علاقة خاصة، بمدينة بيت المقدس، منهم الملك (ملكي صادق) و هو من ملوك العرب الكنعانيين اليبوسيين (كما جاء ذكره سابقا)، الذين حكموا مدينة بيت المقدس، وهو من أقدم ملوك اليبوسيين المؤمنين بعقيدة التوحيد، وقد اتخذ من بقعة الحرم القدسي معبدا له، واسمه عربي كنعاني، و معناه (ملك البر) أو (سيد العدل)، وقد استقبل سيدنا إبراهيم عندما قدم من العراق، الى مدينة بيت المقدس، وكان يسكن بإحدى كهوفها في الجبال، يتعبد فيه، واشتهر أمره حتى بلغ ملوك الأرض، الذين هم بالقرب من ارض مدينة بيت المقدس، بالشام و سدوم وغيرها، وكان عددهم اثنا عشر ملكا، فحضروا إليه، فلما رأوه وسمعوا كلامه أحبوه حبا شديدا، ودفعوا له مالا ليعمر به مدينة بيت المقدس، فعمرها وسميت (بيت السلام)، فلما انتهت عمارتها، اتفق الملوك كلهم أن يكون ملكي صادق، ملكا عليهم كلهم، ولقبوه ( بأبي الملوك)، فكانوا كلهم بطاعته حتى يوم مماته .
كذلك فان سيدنا إبراهيم من الأشخاص المهمين الذين ارتبط اسمهم بمدينة بيت المقدس، وسيدنا إبراهيم هو من الساميين الذين كانوا يسكنون أواسط وشمال ارض العرب (العراق)، حيث ولد في العراق، وبعد اختلافه مع أبيه، هاجر الى ارض كنعان، وأثناء هجرتهم، عبروا نهر الفرات الى ارض كنعان، فالتصق بهم لقب العبرانيون (أي الذين عبروا النهر) ، وأقاموا في ارض كنعان فترة من الزمن، وكانوا منعزلين عن قبائل تلك المنطقة، وهو من المؤمنين بديانة التوحيد، وعندما دب قحط في ارض كنعان هاجر الى ارض مصر، لكن فرعونها عندما سمع بجمال زوجته (سارة) طمع فيها، و أراد أن يأخذها منه، ولكن سيدنا إبراهيم رجع مرة أخرى الى ارض كنعان، هربا وخوفا على زوجته، وكان فرعون قد أهدى لزوجته (سارة) جارية، هي (هاجر)، ولكن سارة أهدت هاجر لزوجها إبراهيم كي يتزوجا وتخلف له، فاتخذها (سرية) ورزق منها بولده إسماعيل، وهو ولده البكر، ثم نقل سيدنا إبراهيم هاجر وولدها إسماعيل الى مدينة مكة، في شبه جزيرة العرب، وكان يزورهم بين الفينة والأخرى. بنى سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل في مدينة مكة، الكعبة المشرفة، ووضعا بها الحجر الأسود، وقد تزوج سيدنا إسماعيل في مكة من إحدى بنات قبيلة جرهم العربية، الذين كانوا سادة مكة، ومن نسله عليه السلام، جاء العرب المستعربة، أما زوجات سيدنا إبراهيم فهما سارة وهاجر وقد خلف سيدنا إبراهيم من هاجر سيدنا إسماعيل، وخلف من سارة ( بعد أربعة عشر عاما ) من خلفته إسماعيل ابنه اسحق).
تزوج سيدنا اسحق من رفقة، فخلفت له توأما هما يعقوب والعيس، ويعرف سيدنا يعقوب بأبو الإسرائيليين (إسرائيل) واليه ينتسبون. من الأشخاص المهمين الذين نزلوا في مدينة بيت المقدس النبي داود وكان ملكا لبني إسرائيل، وكان عمره ثلاثين عاما قبل أن يصبح نبيا، وعندما أصبح بعمر أربعين عاما، أنزل الله عليه الوحي ليصبح نبيا، وانزل عليه الله كتاب (الزبور) و أرسله الى بني إسرائيل هاديا لهم، وبنى المحراب. من الأشخاص المهمين أيضا هيرودوتس و هو من الادوميين العرب، يقال بأنه اعتنق الديانة اليهودية، وولد في مدينة عسقلان، وأمه من الأنباط العرب، قيل عنه من قبل اليهود بأنه في عام (20 ق.م.) بني هيكلا لليهود في بيت المقدس على أنقاض الهيكل الذي بني في عهد (زر بابل) المدمر، عينه الرومان ملكا على بيت المقدس، واعتبره اليهود، انه ينتسب إليهم، لذلك فليس من حق اليهود البحث عن هذا الهيكل المزعوم، لأن هيرودوتس لا ينتمي إليهم بنسب، لأنه ينتسب الى العرب، (كما هو واضح)، ويقال انه اعتنق الديانة اليهودية مجاملة لليهود وتهدئة للخواطر، واليهود لا يعترفون باليهودي و بيهوديته، إلا من كان من سلالتهم، ومن أم يهودية، وحتى يجب أن يكون من سلالة النبي يعقوب فقط، وكان هيرودوتس يعرف بأنه رجلا قاسيا، حتى انه اعدم زوجته ووالدتها وأبنائه الثلاثة، لأنهم كانوا من الحشمونيين اليهود، فكان لا يثق فيهم الى هذا الحد، وفي أواخر حكمه، ولد السيد المسيح، وكان هيرودوتس قد أمر بقتل كل مولود يولد في عهده في مدينة بيت لحم، لذلك هربت السيدة مريم أم المسيح بولدها مع يوسف النجار الى مصر خوفا من قتلهم، وقد دام حكمه أربعين عاما.
هناك الإمبراطور (ادريانوس) و هو إمبراطور روماني احتل بيت المقدس عام 135م ودمر الهيكل تدميرا كاملا وأزاله من الوجود، بعد أن كان قد أعيد بناؤه، وبنى مكانه معبدا وثنيا باسم (جوبيتر) أي (رب الآلهة) عند الرومان، حيث لم يكن الرومانيون قد آمنوا بالديانة المسيحية بعد. هناك أيضا الملك قورش و أبوه الملك (احويرش) زوج أمه اليهودية، وهي الملكة (استر) واسمه قورش الاخميني، وهو ملك بلاد فارس، تمكن من هزيمة البابليين، عام 539 ق.م واستولى على بلاد الشام ومملكة بابل، بمساعدة اليهود الذين كانوا يسكنون بين البابليين، وكانوا قد تم سبيهم من قبل الملك البابلي نبوخذ تنصر. التمس اليهود من الملك قورش الذي وقفوا الى جانبه في حربه ضد البابليين، بان يعيدهم الى مدينة بيت المقدس، مكان سكناهم قبل سبيهم الأول، فسمح لهم بذلك، فعاد قسم منهم وبقيت الغالبية العظمى منهم فلم يعودوا، وعاد من عاد بقيادة قائدهم (زر بابل) ومعناه (المولود في بابل)، ولكنه كان تحت الحكم الفارسي والذي استمر من تاريخ 538 ق. م الى تاريخ 332 ق.م .
هناك الملك نبوخذ نصر وهو الملك البابلي الذي اخضع المملكة اليهودية في بيت المقدس عام 605 ق.م الى حكمه وعين عليها الملك "يهو-ياقيم " ولما ثار الأخير عليهم، نزعوه من حكمه وعينوا أخاه بدلا منه الملك " يهو-ياكين " ولما ثار أيضا (يهو-ياكين) عين مكانه الملك ( صدقيا) وأثناء فترة حكمه القصيرة قام الملك البابلي بمحاصرة (أورشليم) واستولى على ملك ( صدقيا وولده) واعتقل الملك وعائلته وجميع القيادات المهيمنة واستولى على كل ما بها من أموال وذهب ونقلهم الى بابل، وقدرت الأعداد التي سباها من السكان اليهود حوالي 40 ألف مواطن يهودي، وقد عين على ما تبقى منهم ملكا من أبناء (يوشيا) الذي حكم من 597 ق.م الى عام 586 ق.م وعندما ثار الأخير على سيده أيضا، أرسل نبوخذ نصر جيشه إليه و أسره ودمر مدينة أورشليم وجعلها أنقاضا، وبذلك انتهت دولة يهودا.
هناك من الشخصيات الهامة (عزرا) و هو أحد حكماء اليهود، والذي عمل مع مجموعة من حكمائهم الذين سباهم نبوخذ نصر، على إعادة كتابة التوراة المنزلة على سيدنا موسى بعد حوالي ثمانمائة عام من نزولها، ويقال أن الجمع والتأليف تم في القرن الرابع قبل الميلاد.
تقع مدينة بيت المقدس في قلب الأراضي الفلسطينية، وفلسطين هي جزء من بلاد الشام، وتقع في الجنوب منها، و سميت فلسطين بأرض كنعان، نسبة الى القبائل العربية المهاجرة من شبه الجزيرة العربية، قبل أكثر من 3500 عام ق.م.، وكانت تعرف باسم ارض كنعان.
لكنها عرفت فيما بعد باسم (فلسطين)، لأنه قبل الميلاد بمئات السنين، نزلت قبائل من غرب البحر الأبيض المتوسط، من منطقة بحر (إيجة) ومن جزيرة (كريت) على وجه التحديد، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تسمى (فلستينا)، واختلطت هذه القبائل مع قبائل الكنعانيين، وتمازجوا معا، وشكلوا خليطا سكانيا مشتركا فيما بينهم، يغلب عليه الطابع والدم العربي، وعاشوا في تلك المنطقة، التي سميت باسم القبائل التي قدمت من كريت باسم (فلسطين).
يبلغ عدد سكان القدس الشرقية (في الوقت الحاضر) حوالي 300 ألف نسمة، معظمهم من السكان المسلمين، و تقدر مساحتها بأربعة آلاف و مائة دونم منها (871) دونم منطقة بناء سكني. العامل الجغرافي للمدينة، أثره الواضح- مع المكانة التاريخية والدينية- في منح مدينة بيت المقدس، وضعًا خاصًا ومتميزًا؛ إذ تقع القدس ضمن منطقة تتوسط اليابسة عند البحر الميت، والبحرين الأبيض المتوسط والأحمر، المهمين في الربط بين شرق العالم وغربه.
كما تقع المدينة على ربوة تشرف على وديان عميقة، وللمدينة جغرافيتها الطبيعية، و تكويناتها الجيولوجية، وفي القدس يختلط التاريخ بالجغرافيا، فيبدو الموقع التاريخي للمدينة المقدسة ممثلاً الرصيد الأعظم لها، وبين المدن الكبرى في العالم، فتقترب قامتها من مدينة مكة والمدينة، وتعلو على روما، التي منحها الناس القداسة في زمن متأخر، حينما انتقل إليها الكرسي البابوي المسيحي الكاثوليكي.
انصهرت في المدينة المباركة عناصر بشرية متعددة، لكن العنصر العربي، كان دائمًا هو الأكثر وجودًا، وعلى الرغم من كل الجهود الإسرائيلية لتفريغ مدينة بيت المقدس من سكانها العرب، فإن الإحصاءات الإسرائيلية نفسَها، تشير إلى تزايد نسبة السكان الفلسطينيين، وإذا كان الفلسطينيون تتراوح نسبتهم بين 26-27% من مجموع السكان حاليا، فإن دراسة سكانية يهودية، تتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 38% عام 2020م. تعزى أهمية المدينة المقدسة الى الأسباب الثلاث التالية:
1-تعتبر مركز ديني 2-تعتبر مركزا تجاريا 3-تعتبر مركزا حضاريا فقد تلاقت عليها الكثير من حضارات العالم، متصارعة، من اجل الحصول عليها كمركز ديني وحضاري وتجاري،
تمكن العلماء من الحصول على معلومات تاريخية وأثرية دقيقة عن مدينة بيت المقدس، بدءا من العام 3500 ق.م.، حيث قبل هذا التاريخ، لم تكن المعلومات الأثرية متيسرة، أو واضحة المعالم، على الرغم من وجود بعض من المعلومات، امتدت الى سبعة آلاف عام ق.م.
يعمل اليهود الصهاينة في الوقت الحاضر، على التضييق على أبناء المدينة حتى يضطروهم للهجرة، وترك منازلهم و ممتلكاتهم، حتى تصبح المدينة يهودية خالصة ونقية لهم فقط.
تقدر مساحة محافظة مدينة بيت المقدس الكلية ب ( 67 ) ألف دونم، والمدينة مؤلفة من عدة أحياء سكنية، ويسمي المقدسيين كل حي سكني باسم (حارة)، فهناك عدة حارات تتألف منها مدينة بيت المقدس، كحارة السعدية وباب حطة وحارة باب السلسلة وحارة الشرف، وحارة المغاربة وحارة السعدية وغيرها من الحارات.
يوجد في مدينة بيت المقدس أربعة من الجبال و هي:
1-جبل سكوبس 2-جبل الزيتون 3-جبل موريا 4-جبل صهيون (ملاحظة: كلمة صهيون لا تمت بصلة للصهيونية، أصل الكلمة كنعاني، وتعني الحصن).
طمع العبرانيون بأرض كنعان والتي كانت تعرف بأرض اللبن والعسل، لأنها كانت مشهورة بالزراعة وتربية المواشي، وكانت تشتهر بالصناعات الفخارية والنسيج، فكانت سمعتها كبيرة بين الأقوام المجاورة، فطمعوا في خيراتها، و كانت علاقة الكنعانيين بالعبرانيين سيئة، لأن العبرانيون كانوا يحاولوا الاستيلاء على أراضيهم ومزروعاتهم وحيواناتهم وصناعاتهم، وحاولوا أيضا طردهم من أراضيهم، واستعبادهم و أسرهم لديهم، لاستغلالهم في العمل، فكان الكنعانيون يقاومونهم باستمرار، ويتغلبون عليهم في اغلب الأحيان.
هناك بعض الأسماء التي أطلقت على مدينة بيت المقدس منذ القدم، واهم الأسماء هي :
1-يبوس 2-أورشليم 3-شليم 4-شالم 5-أور-سالم 6-قدس الأقداس 7-ايلياء 8-إيليا كابيتولينا. واسم (ايلياء) اسم أطلقه القائد الروماني (هادريان) على مدينة بيت المقدس عام 135م، والاسم ايلياء هو اسم جد عائلة الإمبراطور، وبقي هذا الاسم شائعا حتى الفتح الإسلامي.9-القدس 10-القدس الشريف 11-بيت المقدس 12-يورشاليم.
بنى سور مدينة بيت المقدس، السلطان العثماني سليمان القانوني (الذي تولى الحكم ما بين 1520 –1566م) و السور كان موجود أصلا، ولكنه كان يحتاج الى ترميم، وهذا ما قام به سليمان القانوني، ويبلغ ارتفاعه 38.5 م، و به 34 برجا، وله سبعة أبواب مستعملة، وأربعة أبواب مغلقة، وطوله 2.5 ميل أي حوالي (4 كم).
من المعروف أن المنطقة المقام عليها المسجد الأقصى المبارك، من المناطق المقدسة منذ القدم، وقد بني فيها المسجد الأقصى بعد أربعين عاما من بناء الكعبة المشرفة، وكان يوجد في بقعة الأرض المقام عليها المسجد الأقصى حاليا، مسجدا (المسجد كلمة كانت تطلق على مكان التعبد منذ القدم) خاصا للتعبد منذ ثلاثة آلاف و خمسماية عام قبل الميلاد، لذلك فان هذه البقعة المقدسة من الأراضي الفلسطينية، هي ملك للعرب اليبوسيين منذ آلاف السنين وحتى يومنا هذا، وأية ادعاءات أخرى خلاف ذلك، تعتبر باطلة ولا أساس لها من الصحة.
أثبتت الحفريات الإسرائيلية، التي قام بها علماء الآثار الصهاينة، في منطقة الحرم القدسي الشريف، منذ احتلالهم لمدينة بيت المقدس في العام 1967م، من اجل البحث عن هيكل سليمان المزعوم، أن لا وجود لأي آثار، فيما يتعلق بالهيكل المزعوم، وقد ثبت للكثير من العلماء الصهاينة وغيرهم من العلماء، أن هذا الهيكل هو من صنع الخيال، حيث لم يثبت وجوده على مر العصور، ويقال بأن هذا الهيكل سوف يهبط من السماء، حسب الوعد الإلهي لليهود، الذي يدعي اليهود أن الرب وعدهم به، ولكنه لم يهبط بعد، لذلك فلا وجود له بالمنطقة بالقطع، ولم يكن موجودا بالأصل، وما الادعاءات الصهيونية بوجود الهيكل المزعوم، إلا افتراءات و إفكا وبهتانا كبيرا.
عندما فتح الخليفة عمر بن الخطاب مدينة بيت المقدس، أمر ببناء المسجد الأقصى بها، في المكان المقدس الحالي، وتوالى من بعده المسلمون بترميمه وتوسعته، حتى أصبح بوضعه الحالي، ومما زاد من قدسية المكان وعظمته للمسلمين، إسراء سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من المسجد الحرام في مكة المكرمة، الى المسجد الأقصى في مدينة بيت المقدس، وكان هذا في أواخر الحكم الروماني لمدينة بيت المقدس، وأيضا، ترجع أهمية مدينة بيت المقدس للمسلمين، لأنها كانت أولى القبلتين، وفيها ثالث الحرمين الشريفين، وهي عند المسلمين أيضا ارض الرباط والجهاد، وحديث الرسول الكريم، عن فضل الصلاة فيها، كان من المبشرات، بأن القدس سيفتحها المسلمون، وستكون لهم، وسيشدون الرحال الى مسجدها، مصلين متعبدين، وما يدعي به الصهاينة اليهود (بحائط المبكى)، على أساس انه من بقايا الهيكل، ما هو إلا (حائط البراق)، وهو الجدار الغربي من مبنى المسجد الأقصى المبارك، وهو المكان الذي ربط فيه سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) دابته (البراق)، ولذلك سمي الحائط بهذا الاسم (حائط البراق).
هناك الكثير من الأجوبة لكثير من الأسئلة، التي تراود تفكير أبناء شعبنا العربي المسلم، وشعبنا المسلم في كافة أرجاء المعمورة، لأنه قد لا يعرف حقيقة مثل هذه الأسئلة والأجوبة والتي قد تكون قد وصلت إليه والى ذويه وأقربائه بشكل مغلوط، و تناقلتها العامة والخاصة، دون أن تدري بحقيقتها، خاصة وان تاريخ الإنسان منذ العصور القديمة، مصدره هو كتاب التوراة المقدس، والذي حرف فيه اليهود الكثير من مواضيعه وأحكامه وأحداثه، وأعادوا كتابتها حسب رغيتهم وأمزجتهم، حتى تتفق مع أكاذيبهم وادعاءاتهم الباطلة، هذا الكتاب الذي عمل اليهود والصهاينة على تحريفه ليتفق مع أطماعهم و أهوائهم، يعتبره بعض المثقفين في العالم في وقتنا الحاضر، بأنه المرجع التاريخي الوحيد، لكل التاريخ الإنساني، على الرغم من معرفة البعض منهم، بأن هذه التوراة، ليست النسخة الأصلية، بل، تم وضعها بعد حوالي ثمانمائة عام من نزول التوراة الحقيقية، على سيدنا موسى عليه السلام، من قبل أحد حكماء بني إسرائيل، والمدعو (عزرا)، بالتعاون مع عدد آخر من تلامذته، وقد اشتملت التوراة المحرفة، على الكثير من الأكاذيب والأباطيل ضد الأنبياء والرسل باسم الرب، ربهم، والذي يدعونه (يهوة)، فعمل اليهود الصهاينة، على توسيع كل ما يتعلق بتاريخهم، من أحاديث و أقوال وتأييد مزعوم لهم، وتقليص، بل وحذف وتحريف وتشويه، لكل ما لا يهمهم، لكثير من الصور والأمور، بحق الشعوب الأخرى التي ورد ذكرها خاصة الشعب الكنعاني اليبوسي، والمطلع على التوراة الحالية، يلمس بأن تاريخ البشرية، وكأنه تاريخ بني إسرائيل فقط، وأن البشر في العالم، هم بني يهوذا فقط، ولا أحد غيرهم.
الآثار في مدينة بيت المقدس:
يقال أن سور مدينة بيت المقدس، حولها الى متحف كبير، لكثرة ما يوجد بداخله من آثار ومقدسات، بحيث يشعر المرء عندما يتجاوز السور الى داخل البلدة القديمة، وكأنه يدخل الى متحف للآثار، معد خصيصا لعرض ما به من آثار، فيوجد داخل السور من المقدسات الإسلامية والمسيحية الشيء الكثير، فمن المقدسات الإسلامية مثلا، الحرم القدسي الشريف والذي يضم بداخله المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، وهما من الأماكن الإسلامية المقدسة لدى المسلمين، في كافة أنحاء المعمورة، كما يوجد حائط البراق، وهو المكان الذي ربط فيه الرسول الكريم دابته (البراق)، ثم عرج الى السماوات السبع حتى يلقى ربه، كما يوجد أيضا داخل السور كنيسة القيامة، التي يوجد فيها قبر السيد المسيح، ومنها حمل صليبه وجلد وعذب، وهي تعتبر أقدس بقعة في الأرض لدى المسيحيين، وهناك الكثير من الكنائس والمساجد والأديرة والقبور الهامة لأصحاب أجلاء.
هناك أشخاص مهمين جدا لهم علاقة خاصة، بمدينة بيت المقدس، منهم الملك (ملكي صادق) و هو من ملوك العرب الكنعانيين اليبوسيين (كما جاء ذكره سابقا)، الذين حكموا مدينة بيت المقدس، وهو من أقدم ملوك اليبوسيين المؤمنين بعقيدة التوحيد، وقد اتخذ من بقعة الحرم القدسي معبدا له، واسمه عربي كنعاني، و معناه (ملك البر) أو (سيد العدل)، وقد استقبل سيدنا إبراهيم عندما قدم من العراق، الى مدينة بيت المقدس، وكان يسكن بإحدى كهوفها في الجبال، يتعبد فيه، واشتهر أمره حتى بلغ ملوك الأرض، الذين هم بالقرب من ارض مدينة بيت المقدس، بالشام و سدوم وغيرها، وكان عددهم اثنا عشر ملكا، فحضروا إليه، فلما رأوه وسمعوا كلامه أحبوه حبا شديدا، ودفعوا له مالا ليعمر به مدينة بيت المقدس، فعمرها وسميت (بيت السلام)، فلما انتهت عمارتها، اتفق الملوك كلهم أن يكون ملكي صادق، ملكا عليهم كلهم، ولقبوه ( بأبي الملوك)، فكانوا كلهم بطاعته حتى يوم مماته .
كذلك فان سيدنا إبراهيم من الأشخاص المهمين الذين ارتبط اسمهم بمدينة بيت المقدس، وسيدنا إبراهيم هو من الساميين الذين كانوا يسكنون أواسط وشمال ارض العرب (العراق)، حيث ولد في العراق، وبعد اختلافه مع أبيه، هاجر الى ارض كنعان، وأثناء هجرتهم، عبروا نهر الفرات الى ارض كنعان، فالتصق بهم لقب العبرانيون (أي الذين عبروا النهر) ، وأقاموا في ارض كنعان فترة من الزمن، وكانوا منعزلين عن قبائل تلك المنطقة، وهو من المؤمنين بديانة التوحيد، وعندما دب قحط في ارض كنعان هاجر الى ارض مصر، لكن فرعونها عندما سمع بجمال زوجته (سارة) طمع فيها، و أراد أن يأخذها منه، ولكن سيدنا إبراهيم رجع مرة أخرى الى ارض كنعان، هربا وخوفا على زوجته، وكان فرعون قد أهدى لزوجته (سارة) جارية، هي (هاجر)، ولكن سارة أهدت هاجر لزوجها إبراهيم كي يتزوجا وتخلف له، فاتخذها (سرية) ورزق منها بولده إسماعيل، وهو ولده البكر، ثم نقل سيدنا إبراهيم هاجر وولدها إسماعيل الى مدينة مكة، في شبه جزيرة العرب، وكان يزورهم بين الفينة والأخرى. بنى سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل في مدينة مكة، الكعبة المشرفة، ووضعا بها الحجر الأسود، وقد تزوج سيدنا إسماعيل في مكة من إحدى بنات قبيلة جرهم العربية، الذين كانوا سادة مكة، ومن نسله عليه السلام، جاء العرب المستعربة، أما زوجات سيدنا إبراهيم فهما سارة وهاجر وقد خلف سيدنا إبراهيم من هاجر سيدنا إسماعيل، وخلف من سارة ( بعد أربعة عشر عاما ) من خلفته إسماعيل ابنه اسحق).
تزوج سيدنا اسحق من رفقة، فخلفت له توأما هما يعقوب والعيس، ويعرف سيدنا يعقوب بأبو الإسرائيليين (إسرائيل) واليه ينتسبون. من الأشخاص المهمين الذين نزلوا في مدينة بيت المقدس النبي داود وكان ملكا لبني إسرائيل، وكان عمره ثلاثين عاما قبل أن يصبح نبيا، وعندما أصبح بعمر أربعين عاما، أنزل الله عليه الوحي ليصبح نبيا، وانزل عليه الله كتاب (الزبور) و أرسله الى بني إسرائيل هاديا لهم، وبنى المحراب. من الأشخاص المهمين أيضا هيرودوتس و هو من الادوميين العرب، يقال بأنه اعتنق الديانة اليهودية، وولد في مدينة عسقلان، وأمه من الأنباط العرب، قيل عنه من قبل اليهود بأنه في عام (20 ق.م.) بني هيكلا لليهود في بيت المقدس على أنقاض الهيكل الذي بني في عهد (زر بابل) المدمر، عينه الرومان ملكا على بيت المقدس، واعتبره اليهود، انه ينتسب إليهم، لذلك فليس من حق اليهود البحث عن هذا الهيكل المزعوم، لأن هيرودوتس لا ينتمي إليهم بنسب، لأنه ينتسب الى العرب، (كما هو واضح)، ويقال انه اعتنق الديانة اليهودية مجاملة لليهود وتهدئة للخواطر، واليهود لا يعترفون باليهودي و بيهوديته، إلا من كان من سلالتهم، ومن أم يهودية، وحتى يجب أن يكون من سلالة النبي يعقوب فقط، وكان هيرودوتس يعرف بأنه رجلا قاسيا، حتى انه اعدم زوجته ووالدتها وأبنائه الثلاثة، لأنهم كانوا من الحشمونيين اليهود، فكان لا يثق فيهم الى هذا الحد، وفي أواخر حكمه، ولد السيد المسيح، وكان هيرودوتس قد أمر بقتل كل مولود يولد في عهده في مدينة بيت لحم، لذلك هربت السيدة مريم أم المسيح بولدها مع يوسف النجار الى مصر خوفا من قتلهم، وقد دام حكمه أربعين عاما.
هناك الإمبراطور (ادريانوس) و هو إمبراطور روماني احتل بيت المقدس عام 135م ودمر الهيكل تدميرا كاملا وأزاله من الوجود، بعد أن كان قد أعيد بناؤه، وبنى مكانه معبدا وثنيا باسم (جوبيتر) أي (رب الآلهة) عند الرومان، حيث لم يكن الرومانيون قد آمنوا بالديانة المسيحية بعد. هناك أيضا الملك قورش و أبوه الملك (احويرش) زوج أمه اليهودية، وهي الملكة (استر) واسمه قورش الاخميني، وهو ملك بلاد فارس، تمكن من هزيمة البابليين، عام 539 ق.م واستولى على بلاد الشام ومملكة بابل، بمساعدة اليهود الذين كانوا يسكنون بين البابليين، وكانوا قد تم سبيهم من قبل الملك البابلي نبوخذ تنصر. التمس اليهود من الملك قورش الذي وقفوا الى جانبه في حربه ضد البابليين، بان يعيدهم الى مدينة بيت المقدس، مكان سكناهم قبل سبيهم الأول، فسمح لهم بذلك، فعاد قسم منهم وبقيت الغالبية العظمى منهم فلم يعودوا، وعاد من عاد بقيادة قائدهم (زر بابل) ومعناه (المولود في بابل)، ولكنه كان تحت الحكم الفارسي والذي استمر من تاريخ 538 ق. م الى تاريخ 332 ق.م .
هناك الملك نبوخذ نصر وهو الملك البابلي الذي اخضع المملكة اليهودية في بيت المقدس عام 605 ق.م الى حكمه وعين عليها الملك "يهو-ياقيم " ولما ثار الأخير عليهم، نزعوه من حكمه وعينوا أخاه بدلا منه الملك " يهو-ياكين " ولما ثار أيضا (يهو-ياكين) عين مكانه الملك ( صدقيا) وأثناء فترة حكمه القصيرة قام الملك البابلي بمحاصرة (أورشليم) واستولى على ملك ( صدقيا وولده) واعتقل الملك وعائلته وجميع القيادات المهيمنة واستولى على كل ما بها من أموال وذهب ونقلهم الى بابل، وقدرت الأعداد التي سباها من السكان اليهود حوالي 40 ألف مواطن يهودي، وقد عين على ما تبقى منهم ملكا من أبناء (يوشيا) الذي حكم من 597 ق.م الى عام 586 ق.م وعندما ثار الأخير على سيده أيضا، أرسل نبوخذ نصر جيشه إليه و أسره ودمر مدينة أورشليم وجعلها أنقاضا، وبذلك انتهت دولة يهودا.
هناك من الشخصيات الهامة (عزرا) و هو أحد حكماء اليهود، والذي عمل مع مجموعة من حكمائهم الذين سباهم نبوخذ نصر، على إعادة كتابة التوراة المنزلة على سيدنا موسى بعد حوالي ثمانمائة عام من نزولها، ويقال أن الجمع والتأليف تم في القرن الرابع قبل الميلاد.
تقع مدينة بيت المقدس في قلب الأراضي الفلسطينية، وفلسطين هي جزء من بلاد الشام، وتقع في الجنوب منها، و سميت فلسطين بأرض كنعان، نسبة الى القبائل العربية المهاجرة من شبه الجزيرة العربية، قبل أكثر من 3500 عام ق.م.، وكانت تعرف باسم ارض كنعان.
لكنها عرفت فيما بعد باسم (فلسطين)، لأنه قبل الميلاد بمئات السنين، نزلت قبائل من غرب البحر الأبيض المتوسط، من منطقة بحر (إيجة) ومن جزيرة (كريت) على وجه التحديد، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تسمى (فلستينا)، واختلطت هذه القبائل مع قبائل الكنعانيين، وتمازجوا معا، وشكلوا خليطا سكانيا مشتركا فيما بينهم، يغلب عليه الطابع والدم العربي، وعاشوا في تلك المنطقة، التي سميت باسم القبائل التي قدمت من كريت باسم (فلسطين).
يبلغ عدد سكان القدس الشرقية (في الوقت الحاضر) حوالي 300 ألف نسمة، معظمهم من السكان المسلمين، و تقدر مساحتها بأربعة آلاف و مائة دونم منها (871) دونم منطقة بناء سكني. العامل الجغرافي للمدينة، أثره الواضح- مع المكانة التاريخية والدينية- في منح مدينة بيت المقدس، وضعًا خاصًا ومتميزًا؛ إذ تقع القدس ضمن منطقة تتوسط اليابسة عند البحر الميت، والبحرين الأبيض المتوسط والأحمر، المهمين في الربط بين شرق العالم وغربه.
كما تقع المدينة على ربوة تشرف على وديان عميقة، وللمدينة جغرافيتها الطبيعية، و تكويناتها الجيولوجية، وفي القدس يختلط التاريخ بالجغرافيا، فيبدو الموقع التاريخي للمدينة المقدسة ممثلاً الرصيد الأعظم لها، وبين المدن الكبرى في العالم، فتقترب قامتها من مدينة مكة والمدينة، وتعلو على روما، التي منحها الناس القداسة في زمن متأخر، حينما انتقل إليها الكرسي البابوي المسيحي الكاثوليكي.
انصهرت في المدينة المباركة عناصر بشرية متعددة، لكن العنصر العربي، كان دائمًا هو الأكثر وجودًا، وعلى الرغم من كل الجهود الإسرائيلية لتفريغ مدينة بيت المقدس من سكانها العرب، فإن الإحصاءات الإسرائيلية نفسَها، تشير إلى تزايد نسبة السكان الفلسطينيين، وإذا كان الفلسطينيون تتراوح نسبتهم بين 26-27% من مجموع السكان حاليا، فإن دراسة سكانية يهودية، تتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 38% عام 2020م. تعزى أهمية المدينة المقدسة الى الأسباب الثلاث التالية:
1-تعتبر مركز ديني 2-تعتبر مركزا تجاريا 3-تعتبر مركزا حضاريا فقد تلاقت عليها الكثير من حضارات العالم، متصارعة، من اجل الحصول عليها كمركز ديني وحضاري وتجاري،
تمكن العلماء من الحصول على معلومات تاريخية وأثرية دقيقة عن مدينة بيت المقدس، بدءا من العام 3500 ق.م.، حيث قبل هذا التاريخ، لم تكن المعلومات الأثرية متيسرة، أو واضحة المعالم، على الرغم من وجود بعض من المعلومات، امتدت الى سبعة آلاف عام ق.م.
يعمل اليهود الصهاينة في الوقت الحاضر، على التضييق على أبناء المدينة حتى يضطروهم للهجرة، وترك منازلهم و ممتلكاتهم، حتى تصبح المدينة يهودية خالصة ونقية لهم فقط.
تقدر مساحة محافظة مدينة بيت المقدس الكلية ب ( 67 ) ألف دونم، والمدينة مؤلفة من عدة أحياء سكنية، ويسمي المقدسيين كل حي سكني باسم (حارة)، فهناك عدة حارات تتألف منها مدينة بيت المقدس، كحارة السعدية وباب حطة وحارة باب السلسلة وحارة الشرف، وحارة المغاربة وحارة السعدية وغيرها من الحارات.
يوجد في مدينة بيت المقدس أربعة من الجبال و هي:
1-جبل سكوبس 2-جبل الزيتون 3-جبل موريا 4-جبل صهيون (ملاحظة: كلمة صهيون لا تمت بصلة للصهيونية، أصل الكلمة كنعاني، وتعني الحصن).
طمع العبرانيون بأرض كنعان والتي كانت تعرف بأرض اللبن والعسل، لأنها كانت مشهورة بالزراعة وتربية المواشي، وكانت تشتهر بالصناعات الفخارية والنسيج، فكانت سمعتها كبيرة بين الأقوام المجاورة، فطمعوا في خيراتها، و كانت علاقة الكنعانيين بالعبرانيين سيئة، لأن العبرانيون كانوا يحاولوا الاستيلاء على أراضيهم ومزروعاتهم وحيواناتهم وصناعاتهم، وحاولوا أيضا طردهم من أراضيهم، واستعبادهم و أسرهم لديهم، لاستغلالهم في العمل، فكان الكنعانيون يقاومونهم باستمرار، ويتغلبون عليهم في اغلب الأحيان.
هناك بعض الأسماء التي أطلقت على مدينة بيت المقدس منذ القدم، واهم الأسماء هي :
1-يبوس 2-أورشليم 3-شليم 4-شالم 5-أور-سالم 6-قدس الأقداس 7-ايلياء 8-إيليا كابيتولينا. واسم (ايلياء) اسم أطلقه القائد الروماني (هادريان) على مدينة بيت المقدس عام 135م، والاسم ايلياء هو اسم جد عائلة الإمبراطور، وبقي هذا الاسم شائعا حتى الفتح الإسلامي.9-القدس 10-القدس الشريف 11-بيت المقدس 12-يورشاليم.
بنى سور مدينة بيت المقدس، السلطان العثماني سليمان القانوني (الذي تولى الحكم ما بين 1520 –1566م) و السور كان موجود أصلا، ولكنه كان يحتاج الى ترميم، وهذا ما قام به سليمان القانوني، ويبلغ ارتفاعه 38.5 م، و به 34 برجا، وله سبعة أبواب مستعملة، وأربعة أبواب مغلقة، وطوله 2.5 ميل أي حوالي (4 كم).