رسائل من الجحيم
" ها هو يوم اخر من ايام الجحيم التي نعيشها .. شمس محرقه تلتهم جلودنا
البيضاء ... كره عارم يسري في اوصال من يرانا ... كل شئ هنا يكن لنا الكره
.. كل حجر يود لو تفجر في وجوهنا ... الطيور عندما ترانا تخرس عن الغناء
وتولي هاربه ... سحب السماء لاتريد منذ ان قدمنا ان تظلنا ولو للحظه واحده
...
لا انكر ان مجيئي الي هنا كان من اشنع اخطاء حياتي التي لم تتخطي عامها
الثاني و العشرون ... لم اعتد ان اروي او اقص احداث حياتي لكنها االسبيل
الوحيد للتخفيف عن معاناة اعيشها ..فلا احد هنا يسمع الاخر... قلوبنا شتي
.. اعمارنا تتفاوت ... احلامنا هي الهرب .... اغلب اوقاتنا سكاري او
مخدرين ...
حتي المايجرونا التي لم اكن اطيق رأحتها فقد ت تأثيرها المخدر ... لكنني في انتظار الخلاص "
في تمام الساعه 1245
***********
"
اكتب اليوم وقلبي لا يتوقف عن النحيب و الرجفه ... لا ادرك الزمن .. يكاد
وجهي ان يحترق من سخونه ادمعي الحمقاء ... ما فعلت اليوم لن انساه ما حييت
... ما ارتكبته يدي لن يمر بخير ... كيف بك عندما يتملكك الهلع .. ويتمكن
الرعب من نبض قلبك ؟؟...
كيف بك اذا كان كل ما تسمع هو وفاة زميل .. او جمع اشلاء اخر ... وكيف بك و انت تري زميلتك الحسناء بلا رأس؟؟؟
انا لا اختلق الاعذار .. لكنها ما دفعني الي فعلتي الرعناء ... فقد تردد
كثيرا انهم يحملونها ... لا يهابون الموت .. هم سواء في الاقبال عليه
..نساء كانوا او اطفال او شيوخ او شباب مراهقين .. ذلك فضلا عن الرجال ....
فهم لا يتورعون عن قتل انفسهم و قتلنا معهم ..
عندما هوت القذائف و تعالي الصراخ .. وتساقط الجنود .. رأيتها تجري ... ممسكه بلفافة زرقاء ...
كانت كما لو انها قد نبتت من الارض ... الخوف الاسود قد ارتسم علي ملامحها
الصغيرة الجميله .... البراءة في حدقاتها السوداء ... كيف لم اري كل ذلك
... كيف فقدت شعوري واحساسي الذي طالما وصفت بانني اتميز به عن سواي ...
كيف ... كيف ... كيف .. صوت صرختها يتردد في اذني ... نظراتها تكاد تقطع
نياط قلبي .... كم اتمني ان اعود الي كوخي الجميل علي الساحل ... كما
اتمني لو اقطع كل ما رأيت و سمعت هنا من شريط ذكرايتي ... كم اشتاق اليك
خليلتي ... كما اود ان انسي ... اختفي .. اتلاشي من الوجود ..."
ديفيد جونز
*************
انها تطاردني في كل مكان اذهب اليه ... انها تمعن في تعذيبي .. لا تكف عن
البكاء طوال الليل ... لا تكف عن جذب ملابسي ... لا تكف عن الموت امامي
... اتوسل اليها كل يوم .. فلا تسمعني .. لا تكتفي الا بالبكاء .. و
الصراخ و العويل .. ثم الموت ...
اكتب هذه الرساله و قد عزمت امري ..
اكتبها لكل من فكر بان يخلفني .. او ياتي الي هنا ...
اكتب رسالتي وهي بجواري .. تمسك يدي .. ولاول مرة اراي السعاده بعينها ..
لاول مرة اراها تضحك ... هل قد علمت بما انا مقدم عليه ... .
الان تتعاكس اراداتي .. و تتكسر امنياتي العريضه و حياتي السوداء ..
اللعنه علي ذاك الشعور ... فلتلعنني السماء والارض ... لم اعد اطيق ذلك ...
حتي سلاحي لم اجرؤ علي استعماله لاخر مرة .. لذلك ساستعيض عنه بحبل ثخين ...
انها لا تكاد تصبر حتي تري نهايتي ... وانا لم اعد اتحمل ذلك الضغط الهائل من نظرات عينيها ..
انا ديفيد جونز ... برتبه رقيب في قوات المارينز ... قد اعددت نهاياتي
بنفسي .. وكتبت رسالتي الاخيرة لعلها ان تصل اليكم .... لا تبعثوا
بابنائكم الي العراق فهنا الجحيم بعينه "
ديفيد جونز ... اخر لحظات حياته اللعينه
***********
تأملت جثته المعلقه في الفراغ .. ونظراته الخائفه ...حتي قطعت تأملاتي بسؤالها ..- سيدي هل نبلغ الادارة العليا بسبب الوفاة ؟
اجبتها بأن لا دعي وليكن الامر حادث عرضي .. فنشر امر كهذا سيدمر معنويات جنودنا المدمرة من الاصل ..
تقبلت ردي بإمتعاض .. ثم ولت ذاهبه ....
اعدت قراءة الرسائل الخاصه يالرقيب "ديفيد" .. واستغرق في كلماتها ولم افق
الا علي بكاء طفل صغير مهشمه رأسه ... تحمله امرأة تغطي الدماء رأسها ...
كلاهما يبغي للانتقام ...
كلاهما يبغي ارسالي الي الجحيم....