حكايات من الماضي ……
- جاءها باكيا تعلّق بذيل ثوبها شاكيا طبع عليه أصابعه العشرة الصغيرة المتسخة … ضمته إليها … هدأت من روعه .. قالت وهي ُتداعب خصلاته الصغيرة " المبتلة بعرق الركض والمرح" : - ماذا بك يا صغيري الجميل من أغضبك ..؟ مواصلا انتحابه … فلا شيء في تلك اللحظة يمكن أن يوقف صراخه ولا المه الصغير الكبير .. - ابن الجيران يا أماه ذلك المشاكس المشاغب - ماذا فعل لك حتى أحزنك هكذا قل لي سأؤنبه لك ! - قال : أن أبى مات ولن أراه ثانية أبدا أبدا !!! هل هذا الكلام صحيح يا أماه ؟؟ استجداها الحقيقة باكيا متوسلا ولكأنه ربط حياته بما ستنطق عنه أمه … - اذهب فقل له بل سأراه هناك في الجنة … أخيرا ابتسم ذلك الصغير ومضى ليلقن ذلك المشاكس درسا !! ************************************ منذ تسع وعشرون عاما لم اكن ضمن قائمة السكان لهذا العالم ولم ادخل في إحصائياته بعد كنت من ساكني علم الغيب .. وكم كنت حينها مرتاحة ….!" ولكن ُقدر لي أن اعرف للعذاب معنا …!" ومنذ خمس وعشرون عاما كنت طفلة وحيدة وسط صبيان كُثر قيل عني أني كنت متحدثة لبقة وسط أصدقائي الصغار كانت مخارج الحروف لدي كلها سليمة … بينما كان بينهم الكثيرون لا يفرقون بين السين والثاء ! ومنذ ستة عشر عاما كدت أطير فرحا وأنا أرى اسمي يذيل أول باكورة إنتاجي الأدبي الذي نشر لي في صحيفة الخليج .. اذكر تماما أن ذاك الموضوع كان تحت عنوان "الحياة" !! وأذكر تماما كم كنت مزهوة به والى الآن وبعد كل هذه السنوات لا ادري لماذا سلكت هذا الطريق …. لماذا الكتابة بالذات دون سواها … لماذا …؟؟ وما برح هذا السؤال يراودني حتى اقلعت بسببه عن التفكير تماما !! ومنذ عشر سنوات مضت عرفت لماذا ترتعش القلوب … ولماذا تنتفض لرؤية أحدهم .. عرفت الحب … وعرفت الحيـــــــــــاة ومنذ سنة فقط فجعت بأن تلك الطفلة الصغيرة بداخلي قد التهمها نفس ذلك الحب القديم وجعلها فريسه للحزن … وان قلبها الجميل قد عشش عليه الضنى … فمات .. الفاتحة ….